BLOGGER TEMPLATES - TWITTER BACKGROUNDS

Pages

Friday, November 26, 2010

يثبت الباقلاني صفة العلو والاستواء لله تعالى

يثبت الباقلاني صفة العلو والاستواء لله تعالى، ويرد على الذين يؤولون الاستواء بالاستيلاء، وعلى الذين يقولون إن الله في كل مكان، يقول: " فإن قالوا: فهل تقولون إنه في كل مكان؟ قيل: معاذ لله، بل هومستو على العرش، كما أخبرّ في كتابه فقال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]، وقال تعالى:{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر:10] ، وقال: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ} [الملك: 16] ، ولو كان في كل مكان لكان في جوف الإنسان وفمه وفي الحشوش والمواضع التي يرغب عن ذكرها تعالى عن ذلك، وأوجب أن يزيد بزيادة الأماكن إذا خلق منها ما لم يكن خلقه، وينقص بنقصانها إذا بطل منها ما كان، ولصح أن يرغب إليه إلى نحو الأرض وإلى وراء ظهورنا وعن أيماننا وشمائلنا، وهذا ما قد أجمع المسلمون على خلافه وتخطئة قائله" ، ثم يرد على من اعترض بالنصوص الدالة على أن الله في السماء إله وفي الأرض إله، وأنه مع المؤمنين وغيرها من النصوص الدالة على المعية، ويبين أنه لا دلالة فيها. ثم يقول: " ولا يجوز أن يكون معنى استوائه على العرش هو استيلاؤه عليه، كما قال الشاعر:


قد استوى بشر على العراق


من غير سيف أو دم مهراق

لأن الاستيلاء هو القدرة والقهر، والله تعالى لم يزل قادراً قاهراً، عزيزاً مقتدراً، وقوله: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [لأعراف: 54] ، يقتضي استفتاح هذا الوصف بعد أن لم يكن فبطل ما قالوه".

Thursday, November 25, 2010

يثبت أبو الحسن الطبري صفة الاستواء والعلو لله تعالى

ب - يثبت أبو الحسن الطبري صفة الاستواء والعلو لله تعالى، يقول: " اعلم عصمنا الله وإياك من الزيغ برحمته أن الله سبحانه في السماء فوق كل شيء، مستو على عرشه بمعنى أنه عال عليه، وبمعنى الاستواء الاعتلاء، كما يقول: استويت على ظهر الدابة، واستويت على السطح يعني علوته، واستوت الشمس على رأسي واستوى الطير على قمة رأسي بمعنى علا في الجو فوجد فوق رأسي، والقديم جل جلاله عال على عرشه لا قاعد ولا قايم ولا مماس له ولا مباين، والعرش ما تعقله العرب وهو السرير، يريد بذلك أيضا على أنه في السماء عال على عرشه قوله سبحانه: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ} [الملك: 16] ، وقوله تعالى: {يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: 55]، وقوله: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل: 50]، وقوله: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر:10]، وقوله: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ} [السجدة: 5]"، ثم رد على البلخي وغيره من المعتزلة في تأويلهم الاستواء بالاستيلاء واحتجاجهم بقولهم: استوى بشر على العراق - وغيره - فقال: " فيقال لهم: ما أنكرتم أن يكون عرش الله جسما مجسما، خلقه وأمر ملائكته بحمله، وتعبدهم بتعظيمه كما خلق في الأرض بيتا وامتحن بني آدم بالطواف - حوله وبقصده من الآفاق، ويدل على ذلك قوله تعالى: {وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ} [الزمر: 75] ، وقال في موضع آخر: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} [الحاقة: 17]، ففي كل هذا دلالة أن العرش ليس بالملك وأنه سرير" ، ثم قال: "ومما يدل على أن الاستواء ها هنا ليس بالاستيلاء أنه لو كان كذلك لم يكن ينبغي أن يخص العرش بالاستيلاء عليه دون سائر خلقه، وليس للعرش مزية على ما (وصفت)"، فبان بذلك فساد قوله، ثم يقال له أيضا: "إن الاستواء ليس هو بالاستيلاء في قول العرب: استوى فلان على كذا أي استولى عليه، إذا تمكن منه بعد أن لم يكن متمكنا، فلما كان الباري سبحانه لا يوصف بالتمكن بعد أن لم يكن متمكنا لم يصرف معنى الاستواء إلى الاستيلاء، وحدثنا الشيخ أبو عبد الله الأزدي الملقب بنفطويه قال: حدثنا أبو سليمان، قال كنا عن ابن الأعرابي فأتاه رجل فقال: يا أبا عبد الله ما معنى قوله سبحانه: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]، قال: إنه مستو على عرشه كما أخبر، فقال له الرجل: إنما معنى استوى استولى فقال له ابن الأعرابي: ما يدريك ما هذا، العرب لا تقول استوى على العرش حتى يكون فيه مضاد له، فأيهما غلب قيل: قد استولى عليه، والله سبحانه لا مضاد له، وهو مستو على عرشه كما أخبر، والاستيلاء يكون بعد المغالبة" ثم يقول: " فإن قيل فما تقول في قوله سبحانه: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: 16]، قيل له معنى ذلك أنه فوق السماء على العرش، كما قال: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ} [التوبة: 2]، أي على الأرض...". وكلامه في ذلك طويل حيث رد على الذين يقولون: إن الله في كل مكان، كما رد على من تأول رفع المسلمين أيديهم إلى السماء عند الدعاء بأن ذلك لأن أرزاقهم في السماء أو لأن الملائكة الحفظة في السماء، فقال: "بأن ذلك لو جاز لجاز أن تخفض أيدينا في الأرض نحو الأرض من أجل أن الله تعالى يحدث فيها النبات والأقوات والمعايش وأنها قرار، ومنها خلقوا وإليها يرجعون، ولأنه يحدث فيها آيات كالزلازل والرجف والخسف، ولأن الملائكة معهم في الأرض، الذين يكتبون أعمالهم، فإذا لم يجب خفض الأيدي نحو الأرض لما وصفنا لم تكن العلة في رفعها نحو السماء ما وصفه البلخي، وإنما أمرنا الله تعالى برفع أيدينا قاصدين إليه برفعهما نحو العرش الذي هو مستو عليه كما قال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]".
هذا رأي الطبري في مسألة العلو والاستواء، وهذه النصوص تدل على استقرار هذه المسألة وفق مذهب السلف عند تلامذة الأشعري، وهذا ما سنجده أيضا عند الباقلاني - كما سيأتي -.

Sunday, November 14, 2010

أقوال علماء الاسلام من السلف وأتباع المذاهب

أقوال علماء الاسلام من السلف وأتباع المذاهب


وفي ما يلي ذكر الأقوال المأثورة عن السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أكابر العلماء في إثبات العلو لله تعالى ، وفي ضمنها الرد على من زعم أن معية الله لخلقه معية ذاتية أو أن الله بلا مكان .
قال الإمام الحافظ أبو القاسم اللالكائي - واسمه هبة الله بن الحسن الطبري الشافعي مصنف كتاب « شرح اعتقاد أهل السنة » وهو مجلد فخم - سياق ما روي في قوله : ? الرحمن على العرش استوى ? وأن الله على عرشه قال الله عز وجل : ? إليه يصعد الكلم الطيب ? وقال : ? أأمنتم من في السماء ? وقال نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة وهو القاهر فوق عباده ? فدلت هذه الآيات أنه في السماء وعلمه بكل مكان ، روي ذلك عن عمر وابن مسعود وابن عباس وأم سلمة رضي الله عنهم ومن التابعين ربيعة ، وسليمان التيمي ، ومقاتل بن حيان ، وبه قال مالك والثوري وأحمد . انتهى . وقد نقله الذهبي في كتاب « العلو » ونقل ابن القيم بعضه في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » وقال الحافظ الحجة أبو نصر عبيد الله بن سعيد الوائلي السجزي في كتاب « الإبانة » الذي ألفه في السنة ، أئمتنا كسفيان الثوري ، ومالك وحماد بن سلمة ، وحماد بن زيد ، وسفيان بن عيينة ، والفضيل وابن المبارك ، وأحمد وإسحاق متفقون على أن الله سبحانه فوق العرش بذاته , وأن علمه بكل مكان . انتهى . وقد نقله شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية في « القاعدة المراكشية » ثم قال : وكذلك ذكر شيخ الإسلام الأنصاري , وأبو العباس الطرقي (1) , والشيخ عبد القادر الجيلي ومن لا يحصي عدده إلا الله من أئمة الإسلام وشيوخه . انتهى .
وقال الذهبي في كتاب « العلو » بعد ما نقل كلام السجزي : هذا الذي نقله عنهم مشهور محفوظ سوى كلمة « بذاته » فإنها من كيسه نسبها إليهم بالمعنى ليفرق بين العرش وبين ما عداه من الأمكنة . انتهى .
قلت : قد تقدم ما حكاه أبو عمر الطلمنكي من الإجماع ، على أن الله تبارك وتعالى فوق السموات بذاته مستو على عرشه كيف شاء ، وقد نقله شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية رحمه الله تعالى في « شرح حديث النزول » وأقره على ذكر الذات , ونقله الذهبي في كتاب « العلو » قبل كلام السجزي بصفحتين ، واقره على ذكر الذات ، فلا وجه إذاً لاعتراضه على السجزي . وقد ذكر هذه الكلمة عدد كثير من كبار العلماء كما ذكر ذلك الذهبي في كتاب « العلو » بعد ذكره لكلام ابن أبي زيد المالكي . وسيأتي ذكر ذلك إن شاء الله تعالى .
وذكر شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية عن علماء المالكية أنهم حكوا إجماع أهل السنة والجماعة ، على أن الله بذاته فوق عرشه ، وفي هذا مع ما تقدم رد على اعتراض الذهبي على السجزي ، وقد بين الذهبي مراد العلماء من ذكر هذه الكلمة ، وهو التفريق بين كونه تعالى على العرش ، وكونه معنا بالعلم ، وعلى هذا فليس ذكر الذات من فضول الكلام كما سيأتي في كلام الذهبي الذي تعقب به كلام ابن أبي زيد القيرواني ، وإنما هو من الإيضاح والتفريق بين علو الله فوق العرش بذاته ، وبين معيته بالعلم مع الخلق .
قول كعب الأحبار:
روى أبو صفوان الأموي بإسناده إلى كعب الأحبار قال : قال الله عز وجل في التوراة : « أنا الله فوق عبادي , وعرشي فوق جميع خلقي , وأنا على عرشي أدبر أمور عبادي ، ولا يخفى علي شيء في السماء ولا في الأرض » وقد ذكره الذهبي في كتاب « العلو » وابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » وقال الذهبي : رواته ثقات . وقال ابن القيم رواه أبو الشيخ وابن بطة وغيرهما بإسناد صحيح عن كعب ، وروى أبو الشيخ في كتاب « العظمة » بإسناد إلى كعب الأحبار قال : إن الله عز وجل خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن ، ثم جعل بين كل سمائين كما بين السماء الدنيا والأرض ، وجعل كثفها مثل ذلك ، ثم رفع العرش فاستوى عليه ، وقد ذكره الذهبي في كتاب « العلو » وابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » وقال الذهبي الإسناد نظيف .
قول مسروق بن الأجدع:
روى علي بن الأقمر عن مسروق قال : حدثتني الصديقة بنت الصديق ، حبيبة حبيب الله
المبرأة من فوق سبع سموات . ذكره الذهبي في كتاب « العلو » وابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » وقال الذهبي إسناده صحيح وصححه أيضا ابن القيم .
قول قتادة بن دعامة:
روى عثمان بن سعيد الدارمي عنه أنه قال : قالت بنو اسرائيل : يارب أنت في السماء ونحن في الأرض فكيف لنا أن نعرف رضاك وغضبك ؟ قال : إذا رضيت عنكم استعملت عليكم خياركم ، وإذا غضبت عليكم استعملت عليكم شراركم . وقد ذكره الذهبي في كتاب « العلو » وابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » وقال الذهبي هذا ثابت عن قتادة أحد الحفاظ , وروى ابن جرير في تفسيره عن قتادة في قول الله تعالى : ? وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله ? قال : يعبد في السماء ويعبد في الأرض ، وقد ذكره البخاري في كتاب « خلق أفعال العباد » بدون إسناد ورواه البيهقي في كتاب « الأسماء والصفات » ثم قال : وفي معنى هذه الآية قول الله عز وجل : ? وهو الله في السموات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون ?.
قول الضحاك بن مزاحم:
روى عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب « السنة » وأبو داود في كتاب « المسائل » بإسناد حسن عن الضحاك في قوله تعالى : ? ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ? قال هو على العرش ، وعلمه معهم . وقد رواه ابن جرير في تفسيره ولفظه قال : هو فوق العرش ، وعلمه معهم أينما كانوا ، ورواه الآجري في كتاب « الشريعة » والبيهقي في كتاب « الأسماء والصفات » والقاضي أبو الحسين في « طبقات الحنابلة » وقال بعد إيراده : قال أبو عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - هذه السنة . وذكره ابن عبد البر في التمهيد فقال : ذكر سنيد عن مقاتل بن حيان ، عن الضحاك بن مزاحم في قوله : ? مايكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ? الآية قال : هو على عرشه ، وعلمه معهم أينما كانوا . قال : وبلغني عن سفيان الثوري مثله . وقد ذكره الذهبي في كتاب « العلو » قال : وفي لفظ « هو فوق العرش وعلمه معهم أينما كانوا » أخرجه أبو أحمد العسال ، وأبو عبد الله بن بطة ، وأبو عمر بن عبد البر بإسناد جيد .
قول مقاتل بن حيان:
ذكر ابن أبي حاتم في تفسيره عن مقاتل أنه قال في قول الله تعالى : ? وهو معكم ? قال : هو على العرش ، وهو معهم بعلمه . وقد ذكره ابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » نقلا عن ابن أبي حاتم ، وروى البيهقي في كتاب « الأسماء والصفات » بإسناده إلى مقاتل بن حيان قال : بلغنا والله أعلم في قول الله عز وجل : ? هو الأول ? قبل كل شيء ? والآخر ? بعد كل شيء ? والظاهر ? فوق كل شيء ? والباطن ? أقرب من كل شيء . وإنما يعني بالقرب بعلمه وقدرته , وهو فوق عرشه ? وهو بكل شيء عليم ? ثم ذكر كلامه على الآية التي بعدها إلى قوله : ? وهو معكم أينما كنتم ? يعني قدرته وسلطانه وعلمه معكم أينما كنتم ? والله بما تعملون بصير ? وبالإسناد عن مقاتل بن حيان قال قوله : ? إلا هو معهم ? يقول : علمه وذلك قوله : ? إن الله بكل شيء عليم ? فيعلم نجواهم ، ويسمع كلامهم , ثم ينبئهم يوم القيامة بكل شيء ، هو فوق عرشه وعلمه معهم , وقد نقل الذهبي في كتاب « العلو » بعض ما رواه البيهقي , عن مقاتل بن حيان ثم قال : مقاتل هذا ثقة إمام معاصر للأوزاعي ، ما هو بابن سليمان . ذاك مبتدع ليس بثقة .
قول مالك بن دينار:
روى أبو نعيم في « الحلية » عنه أنه كان يقول : خذوا فيقرأ ثم يقول : اسمعوا إلى قول الصادق من فوق عرشه . قال الذهبي في كتاب « العلو » وابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » إسناده صحيح .
قول الإمام أبي عمرو الأوزاعي:
قد تقدم ما رواه البيهقي عنه أنه قال : كنا والتابعون متوافرون نقول : إن الله تعالى ذكره فوق عرشه ، ونؤمن بما وردت السنة به من صفاته جل وعلا ، وقال الذهبي في كتاب « العلو » : روى أبو إسحاق الثعلبي قال : سئل الأوزاعي عن قوله تعالى : ? ثم استوى على العرش ? قال : هو على عرشه كما وصف نفسه .
قول سفيان الثوري:
روى عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب « السنة » عن معدان الذي قال فيه ابن المبارك : إن كان بخراسان أحد من الأبدال فمعدان . قال : سألت سفيان الثوري عن قول الله تعالى : ? وهو معكم أينما كنتم ? قال : علمه ، وقد ذكره البخاري في كتاب « خلق أفعال العباد » ورواه أبو بكر الآجري في كتاب « الشريعة » إلا أنه قال في الإسناد عن خالد بن معدان : وهذا وهم لأن خالد بن معدان من الطبقة الثالثة , وسفيان الثوري من الطبقة السابعة ، فلا يصح أن يقال : إن خالد بن معدان روى عن سفيان الثوري الذي هو أنزل منه بأربع طبقات , ولعل هذا الوهم وقع من بعض النساخ ، والله أعلم ، ورواه البيهقي في كتاب « الأسماء والصفات » بمثله.
قول أصبغ صاحب مالك:
ذكر ابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » عنه أنه قال : إن الله مستو على عرشه , وبكل مكان علمه وإحاطته , قال ابن القيم : وأصبغ من أجل أصحاب مالك وأفهمهم .
قول عبد الله بن المبارك:
روى عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب « السنة » والبيهقي في كتاب « الأسماء والصفات » عن علي بن الحسن بن شقيق قال : سمعت عبد الله بن المبارك يقول : نعرف ربنا فوق سبع سموات على العرش استوى , بائن من خلقه , ولا نقول كما قالت الجهمية إنه هاهنا – وأشار إلى الأرض – وقد نقله شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية في « الفتوى الحموية الكبرى » فقال : روى عبد الله بن أحمد وغيره بأسانيد صحاح , عن ابن المبارك فذكره بنحوه . ثم قال : وهكذا قال الإمام أحمد وغيره , وذكره شيخ الإسلام أيضا في موضع آخر من الفتاوى , ثم قال : هذا مشهور عن ابن المبارك ثابت عنه من غير وجه , وهو أيضاً صحيح ثابت عن أحمد بن حنبل , وإسحاق بن راهويه وغير واحد من الأئمة . انتهى .
ونقله الذهبي في كتاب « العلو » وقال بعده فقيل : هذا لأحمد بن حنبل ، فقال : هكذا هو عندنا ، ورواه الذهبي بإسناده إلى علي بن الحسن قال : سألت ابن المبارك كيف ينبغي لنا أن نعرف ربنا عز وجل ؟ قال : على السماء السابعة على عرشه ، ولا نقول كما تقول الجهمية إنه هاهنا في الأرض ، وذكر القاضي أبو الحسين في « طبقات الحنابلة » ما رواه الأثرم عن محمد بن إبراهيم القيسي قال : قلت لأحمد بن حنبل : يحكى عن ابن المبارك أنه قيل له كيف نعرف ربنا عز وجل ؟ قال : في السماء السابعة على عرشه . فقال أحمد : هكذا هو عندنا . و قال البخاري في كتاب « خلق أفعال العباد » : و قال ابن المبارك : لا نقول كما قالت الجهمية إنه في الأرض هاهنا بل على العرش استوى . وقيل له :كيف نعرف ربا ؟ قال : فوق سمواته على عرشه .
قول أبي عصمة نوح بن أبي مريم:
قال عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب « السنة » حدثني أحمد ابن سعيد الدارمي ، سمعت أبا عصمة وسأله رجل عن الله في السماء هو ؟ فحدث بحديث النبي صلى الله عليه وسلم حين سأل الأمة : « أين الله » ؟ قالت : في السماء . قال : « فمن أنا ؟ » قالت : رسول الله . قال : « اعتقها فإنها مؤمنة » قال : سماها رسول الله صلى الله عليه مؤمنة أن عرفت أن الله في السماء.
قول علي بن عاصم محدث واسط وشيخ الإمام أحمد:
ذكر ابن أبي حاتم في كتاب « الرد على الجهمية » عن يحيى بن علي بن عاصم قال: كنت عند أبي فاستأذن عليه المريسي فقلت له : ياأبت مثل هذا يدخل عليك ! فقال : وماله ؟ قلت : إنه يقول : إن القرآن مخلوق , ويزعم أن الله معه في الأرض – وكلاماً ذكرته – فما رأيته أشد عليه مثل ما اشتد عليه قوله : إن القرآن مخلوق , وقوله : إن الله معه في الأرض . وقد نقله الذهبي في كتاب « العلو » وابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » .
قول سعيد بن عامر الضبعي عالم البصرة:
قال البخاري في كتاب « خلق أفعال العباد » وقال سعيد بن عامر : الجهمية أشر قولا من اليهود والنصارى , قد اجتمعت اليهود والنصارى وأهل الأديان أن الله تبارك وتعالى على العرش , وقالوا هم : ليس على العرش شيء . وقال الذهبي في كتاب « العلو » قال عبد الرحمن بن أبي حاتم : حدثنا أبي قال : حدثت عن سعيد بن عامر الضبعي أنه ذكر الجهمية فقال : هم شر قولا من اليهود والنصارى . قد أجمع اليهود والنصارى وأهل الأديان مع المسلمين على أن الله عز وجل على العرش , وقالوا هم : ليس على العرش شيء , وقد ذكره ابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » نقلا عن كتاب « السنة » لابن أبي حاتم .
قول يزيد بن هارون:
قال عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب « السنة » : حدثني عباس العنبري , حدثنا شاذ بن يحيى , سمعت يزيد بن هارون وقيل له : من الجهمية ؟ قال : من زعم أن الرحمن على العرش استوى على خلاف ما في قلوب العامة فهو جهمي . وقد ذكره البخاري في كتاب « خلق أفعال العباد » قال شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية رحمه الله تعالى : والذي يقر في قلوب العامة هو ما فطر الله تعالى عليه الخليقة من توجهها إلى ربها تعالى عند النوازل والشدائد, والدعاء والرغبات إليه تعالى, نحو العلو لا تلتفت يمنة ولا يسرة من غير موقف وقفهم عليه, ولكن فطرة الله التي فطر الناس عليها, وما من مولود إلا وهو يولد على الفطرة حتى يجهمه وينقله إلى التعطيل من يقيض له . انتهى . وقد نقله عنه ابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية ».
قول عبد الله بن مسلمة القعنبي شيخ البخاري ومسلم:
ذكر الذهبي في كتاب « العلو » وابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » عنه أنه قال : من لا يوقن أن الرحمن على العرش استوى كما يقر في قلوب العامة فهو جهمي , وقد تقدم عن يزيد بن هارون مثله .
قول عبد الله بن أبي جعفر الرازي:
قال الذهبي في كتاب « العلو » قال محمد بن يحيى الذهلي : أخبرني صالح بن الضريس قال : جعل عبد الله يضرب رأس قرابة له يرى رأي جهم , فرأيته يضرب بالنعل على رأسه ويقول : لا حتى تقول : ? الرحمن على العرش استوى ? بائن من خلقه . وقد ذكره ابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » نقلا عن كتاب « الرد على الجهمية » لابن أبي حاتم .
قول عبد العزيز بن يحيى الكناني المكي:
قال شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية في الفتاوى : ومن أصحاب الشافعي عبد العزيز بن يحيى الكناني المكي له كتاب « الرد على الجهمية » وقرر فيه مسألة العلو , وأن الله تعالى فوق عرشه . والأئمة في الحديث والفقه والسنة والتصوف المائلون إلى الشافعي , ما من أحد منهم إلا له كلام فيما يتعلق بهذا الباب ما هو معروف يطول ذكره . انتهى .
قول هشام بن عبيد الله الرازي عالم الري:
قال شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية في « الفتوى الحموية الكبرى » روى ابن أبى حاتم أن هشام بن عبيد الله الرازي صاحب محمد بن الحسن – قاضي الري – حبس رجلا في التجهم فتاب فجيء به إلى هشام ليطلقه فقال : الحمد لله على التوبة , فامتحنه هشام فقال : أتشهد أن الله على عرشه بائن من خلقه ؟ فقال : أشهد أن الله على عرشه , ولا أدري ما بائن من خلقه . فقال : ردوه إلى الحبس فإنه لم يتب . وقد ذكره الذهبي في كتاب « العلو » بنحوه .
قول محمد بن مصعب العابد:
روى عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب « السنة » عنه أنه قال : من زعم أنك لا تتكلم ولا ترى في الآخرة فهو كافر بوجهك , أشهد أنك فوق العرش , فوق سبع سموات , ليس كما يقول أعداء الله الزنادقة .
قول سنيد بن داود المصيصي الحافظ:
قال الذهبي في كتاب « العلو » وابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » قال أبو حاتم الرازي : حدثنا أبو عمران الطرسوسي قال : قلت لسنيد بن داود : هو عز وجل على عرشه بائن من خلقه ؟ قال : نعم .
قول عبد الله بن الزبير الحميدي شيخ البخاري:
ذكر الذهبي في كتاب « العلو » وابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » عنه أنه قال : نقول : ? الرحمن على العرش استوى ? ومن زعم غير هذا فهو مبطل جهمي .
قول نعيم بن حماد الخزاعي الحافظ:
ذكر الذهبي في كتاب « العلو » وابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » عنه أنه قال في قوله تعالى : ? وهو معكم ? قال : معناه أنه لا يخفى عليه خافية بعلمه . ألا ترى إلى قوله تعالى : ? ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ? الآية أراد أنه لا يخفى عليه خافية .
قول بشر بن الوليد وأبي يوسف:
قال ابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » روى ابن أبي حاتم قال : جاء بشر بن الوليد إلى أبي يوسف فقال له : تنهاني عن كلام بشر المريسي , وعلي الأحول وفلان يتكلمون . فقال : وما يقولون ؟ قال : يقولون إن الله في كل مكان . فبعث أبو يوسف وقال : علي بهم فانتهوا إليهم وقد قام بشر فجيء بعلي الأحول والشيخ الآخر , فنظر أبو يوسف إلى الشيخ وقال : لو أن فيك موضع أدب لأوجعتك , وأمر به إلى الحبس , وضرب علي الأحول وطيف به , وقد استتاب أبو يوسف بشر المريسي لما أنكر أن الله فوق عرشه , وهي قصة مشهورة ذكرها عبد الرحمن بن أبي حاتم وغيره , وأصحاب أبي حنيفة المتقدمون على هذا . وقد ذكر الطحاوي في اعتقاد أبي حنيفة وصاحبيه ما يوافق هذا , وأنهم من أبرأ الناس من التعطيل والتجهم . انتهى باختصار .
قول بشر الحافي الزاهد:
قال الذهبي في كتاب « العلو » له عقيدة رواها ابن بطة في كتاب « الإبانة » وغيره , فمما فيها : والإيمان بأن الله على عرشه استوى كما شاء وأنه عالم بكل مكان .
قول أحمد بن نصر الخزاعي:
قال الذهبي في كتاب « العلو » : قال إبراهيم الحربي فيما صح عنه : قال أحمد بن نصر , وسئل عن علم الله فقال : علم الله معنا وهو على عرشه .
قول قتيبة بن سعيد:
قد ذكرت عنه فيما تقدم أنه قال : نعرف ربنا في السماء السابعة على عرشه . وقد نقل إجماع أهل السنة والجماعة على ذلك فليراجع .
قول علي بن المديني:
قد ذكرت عنه فيما تقدم أنه نقل الإجماع على أن الله عز وجل فوق السموات على عرشه استوى , فسئل عن قوله تعالى : ? ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ? فقال اقرأ ما قبله : ? ألم تر أن الله يعلم ? .
قول خالد بن سليمان أبي معاذ البلخي:
قال ابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » روى ابن أبي حاتم عنه بإسناده أنه قال : إن الله في السماء على العرش كما وصف نفسه .
قول إسحاق بن راهويه:
قد ذكرت عنه فيما أنه نقل الإجماع على أن الله فوق العرش استوى , ويعلم كل شيء في أسفل الأرض السابعة .
قول المزني صاحب الشافعي:
ذكر الذهبي في كتاب « العلو » وابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » عنه أنه قال : الحمد لله الواحد الصمد , ليس له صاحبة ولا ولد , عالٍ على عرشه , دان بعلمه من خلقه , وقال أيضاً : عالٍ على عرشه , بائن عن خلقه , وروى الذهبي بإسناد إلى محمد بن إسماعيل الترمذي قال : سمعت المزني يقول : لا يصح لأحد توحيد حتى يعلم أن الله على العرش بصفاته . قلت : مثل أي شيء ؟ قال : سميع بصير عليم قدير .
قول محمد بن يحيى الذهلي:
ذكر الذهبي في كتاب « العلو » عن الحاكم أنه قال : قرأت بخط أبي عمرو المستملي سئل محمد بن يحيى عن حديث عبد الله بن معاوية , عن النبي صلى الله عليه وسلم : « ليعلم العبد أن الله معه حيث كان » ؟ فقال : يريد أن الله علمه محيط بكل مكان , والله على العرش .
قول الإمام محمد بن إسماعيل البخاري:
قال في كتاب « التوحيد » من صحيحه « باب قول الله عز وجل : ? وكان عرشه على الماء ? ? وهو رب العرش العظيم ? » قال أبو العالية : استوى إلى السماء ارتفع , فسواهن خلقهن , وقال مجاهد : استوى علا على العرش , ثم ساق حديث زينب بنت جحش رضي الله عنها أنها كانت تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تقول : زوجكن أهاليكن وزوجني الله تعالى من فوق سبع سموات , وقال أيضاً « باب قول الله تعالى: ? تعرج الملائكة والروح إليه ? وقوله جل ذكره : ? إليه يصعد الكلم الطيب ? » وقد ذكر في هذا الباب عدة أحاديث في إثبات صفة الفوقية لله تعالى وعلوه على خلقه .
قول أبي زرعة الرازي:
قد ذكرت فيما تقدم ما رواه عبد الرحمن بن أبي حاتم , عن أبيه وأبي زرعة أنهما قالا : أدركنا العلماء في جميع الأمصار : حجازاً وعراقاً ومصراً وشاماً , فكان من مذهبهم أن الله تبارك وتعالى على عرشه بائن من خلقه , كما وصف نفسه في كتابه , وعلى لسان رسوله بلا كيف . أحاط بكل شيء علماً , ليس كمثله شيء وهو السميع البصير .
وذكر الذهبي في كتاب « العلو » ما رواه أبو إسماعيل الأنصاري بإسناده إلى محمد بن إبراهيم الأصبهاني , سمعت أبا زرعة الرازي وسئل عن تفسير : ? الرحمن على العرش استوى ? فغضب وقال : تفسيره كما تقرأ , هو على عرشه , وعلمه في كل مكان , من قال غير هذا فعليه لعنة الله . وقد ذكره شيخ الإسلام أبو العباس بت تيمية في « الفتوى الحموية الكبرى » وابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » .
قول أبي حاتم الرازي:
ذكر الذهبي في كتاب « العلو » عن الحافظ أبي القاسم الطبري قال : وجدت في كتاب أبي حاتم محمد بن إدريس المنذر الحنظلي مما سمع منه يقول : مذهبنا واختيارنا اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين من بعدهم , والتمسك بمذاهب أهل الأثر مثل الشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد رحمهم الله تعالى , ولزوم الكتاب والسنة . ونعتقد أن الله عز وجل على عرشه بائن من خلقه , ليس كمثله شيء وهو السميع البصير . وقد ذكر ابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » قوله ونعتقد إلى آخره .
قول يحيى بن معاذ الرازي الواعظ:
روى أبو إسماعيل الأنصاري بإسناده إلى يحيى بن معاذ أن قال : إن الله على العرش بائن من خلقه , وقد أحاط بكل شيء علماً وأحصى كل شيء عدداً . لا يشك في هذه المقالة إلا جهمي رديء ضلّيل , وهالك مرتاب , يمزج الله بخلقه , ويخلط منه الذات بالأقذار والأنتان . انتهى . وقد نقله شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية في « الفتوى الحموية الكبرى » والذهبي في كتاب « العلو » وابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » .
قول الإمام محمد بن أسلم الطوسي:
ذكر الذهبي في كتاب « العلو » عن الحاكم أنه قال في ترجمته : حدثنا يحيى العنبري . حدثنا أحمد بن سلمة و حدثنا محمد بن أسلم قال : قال لي عبد الله بن الطاهر : بلغني أنك لا ترفع رأسك إلى السماء , فقلت : ولِمَ وهل أرجو الخير إلا ممن هو في السماء .
قول عبد الوهاب الوراق:
قال الذهبي في كتاب « العلو » حدث عبد الوهاب بن عبد الحكيم الوراق بقول ابن عباس رضي الله عنهما : ما بين السماء السابعة إلى كرسيه سبعة آلاف نور وهو فوق ذلك . ثم قال عبد الوهاب : من زعم أن الله ههنا فهو جهمي خبيث , إن الله عز وجل فوق العرش , وعلمه محيط بالدنيا والآخرة . وقد نقل ابن القيم كلام عبد الوهاب في كتابه « اجتماع الجيوش الإسلامية » وقال : صح ذلك عنه , حكاه عنه محمد بن عثمان في رسالته في الفوقية وقال : ثقة حافظ روى عنه أبو داود والترمذي والنسائي . انتهى . ومحمد بن عثمان الذي ذكره ابن القيم هو الحافظ الذهبي .
قول حرب بن إسماعيل الكرماني صاحب أحمد وإسحاق:
قد ذكرت فيما تقدم أنه حكى إجماع أهل السنة , من سائر أهل الأمصار أن الماء فوق السماء السابعة , والعرش على الماء , والله على العرش .
قول عثمان بن سعيد الدارمي حافظ أهل المشرق:
قال في كتابه « النقض على بشر المريسي » : قد اتفقت الكلمة من المسلمين أن الله فوق عرشه , فوق سمواته , لا ينزل قبل يوم القيامة إلى الأرض , ولم يشكّوا أنه ينزل يوم القيامة ليفصل بين العباد ويحاسبهم ويثيبهم , وتشقق السموات يومئذ لنزوله , وتنزل الملائكة تنزيلاً , ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية , كما قال الله سبحانه , ورسوله صلى الله عليه وسلم فلما لم يشك المسلمون أن الله لا ينزل إلى الأرض قبل يوم القيامة لشيء من أمور الدنيا , علموا يقيناً أن ما يأتي الناس من العقوبات , إنما هو أمره وعذابه . فقوله : ? فاتى الله بنيانهم من القواعد ? إنما هو أمره وعذابه .
وقال أيضاً في كتاب « النقض » علمه بهم محيط , وبصره فيهم نافذ , وهو بكماله فوق العرش , ومع بعد المسافة بينه وبين الأرض يعلم ما في الأرض .
وقال أيضاً في كتاب « النقض » : وقد اتفقت الكلمة من المسلمين أن الله سبحانه في السماء , وعرفوه بذلك إلا المريسي وأصحابه . وقال في قول النبي صلى الله عليه وسلم للأمة : « أين الله » تكذيب لمن يقول هو في كل مكان , إلى أن قال : والله فوق سمواته , بائن من خلقه , فمن لم يعرفه بذلك لم يعرف إلهه الذي يعبده . انتهى المقصود من كلامه . وقد نقله ابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » وأثنى على كتاب الدارمي في الرد على الجهمية , وعلى كتابه في « النقض على بشر المريسي » وقال : إنهما من أجل الكتب المصنفة في السنة وأنفعها . قال : وينبغي لكل طالب سنة مراده الوقوف على ما كان عليه الصحابة والتابعون والأئمة أن يقرأ كتابيه . قال : وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يوصي بهذين الكتابين أشد الوصية . ويعظمهما جداً , وفيهما من تقرير التوحيد والأسماء والصفات بالعقل والنقل ما ليس في غيرهما . انتهى كلام ابن القيم رحمه الله تعالى .
قول عبد الله بن مسلم بن قتيبة:
قال في كتابه « تأويل مختلف الحديث » نحن نقول في قوله : ? ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ? أنه معهم بالعلم بما هم عليه كما تقول للرجل وجهته إلى بلد شاسع , ووكلته بأمر من أمورك : احذر التقصير والإغفال لشيء مما تقدمت فيه إليك , فإني معك . تريد أنه لا يخفى علي تقصيرك أو جدك للإشراف عليك , والبحث عن أمورك , و , وإذا جاز هذا في المخلوق الذي لا يعلم الغيب فهو في الخالق الذي يعلم الغيب أجوز . وكيف يسوغ لأحد أن يقول : إنه بكل مكان على الحلول مع قوله : ? الرحمن على العرش استوى ? ومع قوله تعالى : ? إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ? وكيف يصعد إليه شيء هو معه , أو يرفع إليه عمل وهو عنده . قال : ولو أن هؤلاء رجعوا إلى فطرهم , وما ركبت عليه خلقتهم من معرفة الخالق سبحانه , لعلموا أن الله تعالى هو العلي , وهو الأعلى , وهو بالمكان الرفيع , وأن القلوب عند الذكر تسمو نحوه , والأيدي ترفع بالدعاء إليه .
قال : والأمم كلها عربيها وعجميها تقول : إن الله تعالى في السماء ما تركت على فطرها , ولم تنقل عن ذلك بالتعليم , قال : وأما قوله : ? وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله ? فليس في ذلك ما يدل على الحلول بهما . وإنما أراد أنه إله السماء , وإله من فيها , وإله الأرض وإله من فيها , وكذلك قوله جل وعز : ? إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ? لا يريد أنه معهم بالحلول ولكن بالنصرة والتوفيق والحياطة . انتهى المقصود من كلامه ملخصاً .
قول أبي عيسى الترمذي:
ذكر في تفسير سورة الحديد من جامعه حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً في بُعد ما بين السماء والأرض , وما بين كل سمائين , وأن العرش فوق السموات , وبينه وبين السماء بُعد ما بين كل سمائين . ثم ذكر بُعد ما بين الأرضين السبع ثم قال : « والذي نفس محمد بيده لو أنكم دليتم بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على الله ثم قرأ : ? هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم ? » قال الترمذي : حديث غريب . وقال الذهبي : هو خبر منكر . انتهى . قلت : وهو من رواية الحسن عن أبي هريرة رضي الله عنه , وقد قال الترمذي بعد إيراده : يروى عن أيوب ويونس بن عبيد , وعلي بن زيد قالوا : لم يسمع الحسن من أبي هريرة , قال : وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقالوا : إنما هبط على علم الله وقدرته وسلطانه . وعلم الله وقدرته وسلطانه في كل مكان , وهو على العرش كما وصف في كتابه . انتهى .
قول محمد بن عثمان بن أبي شيبة:
ذكر الذهبي في كتاب « العلو » أنه ألف كتاباً في العرش فقال : ذكروا أن الجهمية يقولون : ليس بين الله وبين خلقه حجاب , وأنكروا العرش , وأن يكون الله فوقه , وقالوا : إنه في كل مكان . ففسرت العلماء : ? وهو معكم ? يعني علمه , ثم تواترت الأخبار أن الله تعالى خلق العرش فاستوى عليه , فهو فوق العرش , بائن من خلقه . وقال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية في « القاعدة المراكشية » ذكر أبو عمر الطلمنكي الإمام في كتابه الذي سماه « الوصول إلى معرفة الأصول » أن أهل السنة والجماعة متفقون على أن الله استوى بذاته على عرشه . قال : وكذلك ذكره محمد بن عثمان بن أبي شيبة حافظ الكوفة في طبقة البخاري ونحوه , ذكر ذلك عن أهل السنة والجماعة .
قول زكريا الساجي:
ذكر الذهبي في كتاب « العلو » وابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » عن أبي عبد الله بن بطة العكبري قال : حدثنا أبو الحسن أحمد بن زكريا بن يحيى الساجي قال : قال أبي : القول في السنة التي رأيت عليها أصحابنا أهل الحديث الذين لقيناهم أن الله تعالى على عرشه في سمائه يقرب من خلقه كيف شاء .
قول محمد بن جرير الطبري:
قال في تفسير قول الله تعالى في سورة الحديد : ? وهو معكم أينما كنتم ? يقول : وهو مشاهد لكم أيها الناس أينما كنتم يعلمكم ويعلم أعمالكم ومتقلبكم ومثواكم , وهو على عرشه فوق سمواته السبع . وقال في تفسير قوله تعالى في سورة المجادلة : ? ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ? يسمع سرهم ونجواهم لا يخفى عليه شيء من أسرارهم ? ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ? يقول : في أي موضع ومكان كانوا . وعنى بقوله : ? هو رابعهم ? بمعنى أنه مشاهدهم بعلمه وهو على عرشه . ثم روى بإسناده إلى الضحاك في قوله : ? ما يكون من نجوى ثلاثة ? إلى قوله : ? هو معهم ? قال : هو فوق العرش وعلمه معهم أينما كانوا . وقال في تفسير قوله تعالى : ? وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله ? يقول تعالى ذكره : والله الذي له الألوهية في السماء معبود وفي الأرض وعبود كما في السماء , معبود لا شيء سواه تصلح عبادته . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل , ثم روى بإسناده عن قتادة في قوله : ? وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله ? قال : يعبد في السماء ويعبد في الأرض

قول حماد البوشنجي الحافظ:

روى شيخ الإسلام الهروي بإسناده إلى حماد بن هناد البوشنجي قال : هذا ما رأينا عليه أهل الأمصار , وما دلت عليه مذاهبهم فيه , وإيضاح منهاج العلماء وصفة السنة وأهلها , أن الله فوق السماء السابعة على عرشه بائن من خلقه . وعلمه وسلطانه وقدرته بكل مكان . انتهى . ونقله الذهبي في كتاب « العلو » وابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » .


قول إمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة:

قال الحاكم أبو عبد الله النيسابوري في كتابه « معرفة علوم الحديث » : سمعت محمد بن صالح بن هانىء يقول : سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول : من لم يقر بأن الله تعالى على عرشه قد استوى فوق سبع سمواته , فهو كافر بربه , يستتاب , فإن تاب وإلا ضربت عنقه وألقي على بعض المزابل , حيث لا يتأذى المسلمون والمعاهدون بنتن ريح جيفته , وكان ماله فيئاً لا يرثه أحد من المسلمين , إذ المسلم لا يرث الكافر كما قال صلى الله عليه وسلم . وذكر ابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » ما رواه الشيخ الأنصاري بإسناده إلى خزيمة أنه قال : نحن نؤمن بخبر الله سبحانه أن خالقنا مستو على عرشه . وقال في كتاب « التوحيد » : « باب ذكر استواء خالقنا العلي الأعلى الفعال لما يشاء على عرشه وكان فوقه فوق كل شيء عاليا » ثم ساق الأدلة على ذلك من القرآن والسنة , ثم قال : « باب الدليل على أن الإقرار بأن الله فوق السماء من الإيمان » وذكر فيه حديث الجارية .


قول الإمام الطحاوي:

قال في عقيدته المشهورة « ذكر بيان السنة والجماعة على مذهب فقهاء الملّة أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن » نقول في توحيد الله معتقدين أن الله واحد لا شريك له ولا شيء مثله - إلى أن قال – والعرش والكرسي حق وهو مستغن عن العرش وما دونه محيط بكل شيء وفوقه . انتهى المقصود من كلامه .


قول الحسن بن علي بن خلف البربهاريّ :

ذكر القاضي أبو الحسين في « طبقات الحنابلة » أن البربهاريّ قال في « شرح كتاب السنة » : ولا يتكلم في الرب إلا بما وصف به نفسه عز وجل في القرآن , وما بيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه , وهو جل ثناؤه واحد : ? ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ? وهو على عرشه استوى , علمه بكل مكان لا يخلو من علمه مكان . انتهى المقصود من كلامه .


قول أبي القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني:

ذكر الذهبي في كتاب « العلو » عنه أنه قال في « كتاب السنة » له : « باب ما جاء في استواء الله تعالى على عرشه بائن من خلقه » ثم ساق بعض الأحاديث الواردة في ذلك .


قول أبي الحسن الأشعري:

قال في كتابه « مقالات الإسلاميين , واختلاف المصلين » جملة ما عليه أهل الحديث والسنة الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله , وما جاء من عند الله , وما رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يردون من ذلك شيئاً إلى أن قال : وأن الله سبحانه على عرشه كما قال تعالى : ? الرحمن على العرش استوى ? ثم قال بعد إيراد أقوال أصحاب الحديث والسنة : وبكل ما ذكرنا من قولهم نقول وإليه نذهب .
وقال في كتاب « الإبانة عن أصول الديانة » إن قال قائل : ما تقولون في الاستواء ؟ قيل له نقول : إن الله عز وجل مستو على عرشه كما قال : ? الرحمن على العرش استوى ? واستدل بآيات من القرآن على علو الرب فوق السموات , ومنها قول الله عز وجل : ? أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض ? ثم قال : فالسموات فوقها العرش , فلما كان العرش فوق السموات قال : ? أأمنتم من في السماء ? لأنه مستو على العرش الذي فوق السموات , وكل ما علا فهو سماء . فالعرش أعلى السموات , وليس إذا قال : ? أأمنتم من في السماء ? يعني جميع السموات . وإنما أراد العرش الذي هو أعلى السموات إلى أن قال : ورأينا المسلمين جميعاً يرفعون أيديهم إذا دعوا نحو السماء , لأن الله عز وجل مستو على العرش الذي هو فوق السموات , فلولا أن الله عز وجل على العرش لم يرفعوا أيديهم نحو العرش . انتهى .


قول أبي بكر محمد بن الحسين الآجري:


قد ذكرت كلامه في ذلك مع أقوال الذين نقلوا الإجماع على أن الله تعالى فوق العرش , وعلمه محيط بكل شيء من خلقه , وقد ذكر أن هذا قول المسلمين .
وقال في كتاب « الشريعة » قال جل ذكره : ? سبح اسم ربك الأعلى ? وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استفتح دعاءه يقول : « سبحان ربي الأعلى الوهاب » وكان جماعة من الصحابة إذا قرءوا ? سبح اسم ربك الأعلى ? قالوا : سبحان ربنا الأعلى . منهم علي بن أبي طالب , وابن عباس , وابن مسعود , وابن عمر رضي الله عنهم , وقد علّم النبي صلى الله عليه وسلم أمته أن يقولوا في السجود : « سبحان ربي الأعلى ثلاثاً » وهذا كله يقوي ما قلنا أن الله عز وجل العلي الأعلى , عرشه فوق السموات العلى , وعلمه محيط بكل شيء خلاف ما قالته الحلولية . نعوذ بالله من سوء مذهبهم .
وقال أيضاً : ومما يحتج به الحلولية مما يلبسون به على من لا علم معه قول الله عز وجل : ? هو الأول والآخر والظاهر والباطن ? وقد فسر أهل العلم هذه الآية : هو الأول قبل كل شيء من حياة وموت , والآخر بعد كل شيء بعد الخلق , وهو الظاهر فوق كل شيء , يعني ما في السموات , وهو الباطن دون كل شيء يعلم ما تحت الأرضين , دل على هذا آخر الآية : ? وهو بكل شيء عليم ? كذا فسره مقاتل بن حيان , ومقاتل ابن سليمان , وبينت ذلك السنة . ثم ساق حديث عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء » .
قال : ومما يلبسون به على من لا علم معه قوله تعالى : ? وهو الله في السموات وفي الأرض ? وبقوله عز وجل : ? وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله ? وهذا كله إنما يطلبون به الفتنة . كما قال الله عز وجل : ? فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ? وعند أهل العلم من أهل الحق : ? وهو الله في السموات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون ? هو كما قال أهل الحق : يعلم سركم . مما جاءت به السنن أن الله عز وجل على عرشه , وعلمه محيط بجميع خلقه , يعلم ما تسرون وما تعلنون , يعلم الجهر من القول , ويعلم ما تكتمون . وقوله عز وجل : ? وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله ? فمعناه أنه جل ذكره إله من في السموات وإله من في الأرض , هو الإله يعبد في السموات , وهو الإله يعبد في الأرض , هكذا فسره العلماء . ثم روى بإسناده عن قتادة في قول الله عز وجل : ? وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله ? قال : هو إله يعبد في السماء , وإله يعبد في الأرض . انتهى .


قول الحافظ أبي الشيخ عبد الله بن محمد بن حيان:


ذكر الذهبي في كتاب « العلو » وابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » عنه
أنه قال في كتاب « العظمة » : ذكر عرش الرب تبارك وتعالى وكرسيه وعظمة خلقهما,
وعلو الرب جل جلاله فوق عرشه , ثم ساق جملة من الأحاديث في ذلك .


قول أبي الحسن بن مهدي تلميذ الأشعري:


ذكر الذهبي في كتاب « العلو » أنه قال في كتاب « مشكل الآيات » له : اعلم أن الله في السماء فوق كل شيء , مستو على عرشه بمعنى أنه عالٍ عليه , ومعنى الاستواء الاعتلاء كما تقول العرب : استويت على ظهر الدابة , واستويت على السطح بمعنى علوته , يدل على أنه في السماء عالٍ على عرشه قوله : ? أأمنتم من في السماء ? وقوله : ? يا عيسى إني متوفيك ورافعك إليَّ ? وقوله : ? إليه يصعد الكلم الطيب ? وقوله : ? ثم يعرج إليه ? ثم قال : فإن قيل : ما تقولون في قوله : ? أأمنتم من في السماء ? قيل معنى ذلك أنه فوق السماء على العرش كما قال : ? فسيحوا في الأرض ? بمعنى على الأرض . وقال : ? لأصلبنكم في جذوع النخل ? فكذلك : ? أأمنتم من في السماء ? انتهى المقصود من كلامه ملخصاً .


قول ابن بطة العكبري:

قد ذكرت عنه فيما تقدم أنه نقل إجماع الصحابة والتابعين أن على عرشه فوق سمواته بائن من خلقه , وذكرت أيضاً كلامه على معنى قوله تعالى : ? وهو معكم ? وقوله : ? وهو الله في السموات وفي الأرض ? وقوله : ? ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ? وفيه الرد على من قال : إن الله معنا وفينا .. فليراجع كلامه .


قول أبي محمد بن أبي زيد القيرواني شيخ المالكية:


قد ذكرت عنه فيما تقدم أنه نقل إجماع الأمة على أن الله تعالى فوق سمواته دون أرضه , وأنه في كل مكان بعلمه . ثم ذكر أن هذا قول أهل السنة وأئمة الناس في الفقه والحديث .
وقال في مقدمة رسالته المشهورة « باب ما تنطق به الألسنة وتعتقده الأفئدة من واجب أمور الديانات » : من ذلك الإيمان بالقلب , والنطق باللسان , بأن الله إله واحد لا إله غيره , ولا شبيه له ولا نظير له ولا ولد له ولا والد له ولا صاحبة له ولا شريك له , وأنه فوق عرشه المجيد بذاته , وهو بكل مكان بعلمه . انتهى المقصود من كلامه . وقد نقله ابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » وأقره قال : وكذلك ذكر مثل هذا في نوادره وغيرها من كتبه . ونقل عنه أيضاً أنه قال في « مختصر المدونة » : وأنه تعالى فوق عرشه بذاته , فوق سبع سمواته دون أرضه . انتهى . وقد نقل شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية في « القاعدة المراكشية » قول ابن أبي زيد : إن الله تعالى فوق عرشه المجيد بذاته , وهو في كل مكان بعلمه . وقال أيضاً : صرح ابن أبي زيد في « المختصر » بأن الله في سمائه دون أرضه . قال شيخ الإسلام أبو العباس : هذا لفظه . قال : والذي قال ابن أبي زيد ما زالت تقوله أئمة أهل السنة من جميع الطوائف . انتهى . ونقل الذهبي في كتاب « العلو » قول ابن أبي زيد . وأنه تعالى فوق عرشه المجيد بذاته , ثم قال : وقد تقدم مثل هذه العبارة عن أبي جعفر بن أبي شيبة , وعثمان بن سعيد الدارمي . وكذلك أطلقها يحيى بن عمار واعظ سجستان في رسالته , والحافظ أبو نصر الوائلي السجزي في كتاب « الإبانة » له فإنه قال : وأئمتنا كالثوري ومالك والحمادين وابن عيينة وابن المبارك والفضيل وأحمد وإسحاق متفقون على أن الله فوق العرش بذاته , وأن علمه بكل مكان , وكذا أطلقها ابن عبد البر , وكذا عبارة شيخ الإسلام أبي إسماعيل الأنصاري فإنه قال : وفي أخبار شتى أن الله في السماء السابعة على العرش بنفسه , وكذا قال أبو الحسن الكَرَجي الشافعي في تلك القصيدة :
عقائدهم أن الإله بذاته *** على عرشه مع علمه بالغوائب
وعلى هذه القصيدة مكتوب بخط العلامة تقي الدين ابن الصلاح : هذه عقيدة أهل السنة وأصحاب الحديث ، وكذا أطلق هذه اللفظة أحمد بن ثابت الطرقي الحافظ ، والشيخ عبد القادر الجيلي ، والمفتي عبد العزيز القحيطي وطائفة . والله تعالى خالق كل شيء بذاته . ومدبر الخلائق بذاته بلا معين ولا مؤازر ، وإنما أراد ابن أبي زيد وغيره التفرقة بين كونه تعالى معنا ، وبين كونه تعالى فوق العرش ، فهو كما قال ، ومعنا بالعلم ، وأنه على العرش كما أعلمنا حيث يقول : ? الرحمن على العرش استوى ? وقد تلفظ بالكلمة المذكورة جماعة من العلماء كما قدمناه ، وبلا ريب أن فضول الكلام تركه من حسن الإسلام . انتهى كلام الذهبي . وقد ذكرت بعد تعقيبه على ذكر الذات في كلام أبي نصر السجزي أن ذكر الذات ليس من فضول الكلام ، وإنما هو من الإيضاح والتفريق بين علو الله تعالى فوق عرشه بذاته ، وبين معيته بالعلم مع الخلق .


قول أبي بكر محمد بن الطيب الباقلاني:

قد ذكرت عنه فيما تقدم أنه نقل الإجماع على خلاف من قال : إن الله في كل مكان , وعلى تخطئة قائل ذلك ، وذكرت أيضاً قوله في إثبات استواء الله على عرشه وما استدل به من الآيات فليراجع كلامه .


قول الحافظ أبي نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني:

قد ذكرت عنه فيما تقدم أنه نقل الإجماع على أن الله مستو على عرشه في سمائه دون أرضه , وأنه بائن من خلقه , والخلق بائنون من لا يحل فيهم ولا يمتزج بهم .


قول معمر بن أحمد بن زياد الأصبهاني:

ذكر شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية في « الفتوى الحموية الكبرى » عنه أنه قال : أحببت أن أوصي أصحابي بوصية من السنة , وموعظة من الحكمة , وأجمع ما كان عليه أهل الحديث والأثر وأهل المعرفة والتصوف من المتقدمين والمتأخرين . قال فيها : وأن الله استوى على عرشه بلا كيف ولا تشبيه ولا تأويل , والاستواء معقول , والكيف فيه مجهول , وأنه عز وجل مستو على عرشه , بائن من خلقه , والخلق منه بائنون بلا حلول ولا ممازجة ولا اختلاط ولا ملاصقة , لأنه الفرد البائن من الخلق , الواحد الغني عن الخلق . انتهى . وقد نقله الذهبي في كتاب « العلو » وابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » .


قول أبي القاسم عبد الله بن خلف المقري الأندلسي:

نقل ابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » عنه أنه ذكر حديث النزول ثم قال : في هذا الحديث دليل على أنه تعالى في السماء على العرش فوق سبع سموات – ثم ذكر الأدلة على ذلك من القرآن . وذكر قول مالك بن أنس : الله عز وجل في السماء , وعلمه في كل مكان , لا يخلو من علمه مكان . إلى أن قال : ومن الحجة أيضاً في أن الله سبحانه وتعالى على العرش فوق السموات السبع أن الموجودين أجمعين إذا كربهم أمر رفعوا وجوههم إلى السماء يستغيثون الله ربهم . وقوله صلى الله عليه وسلم للأمة التي أراد مولاها أن يعتقها : « أين الله » ؟ فأشارت إلى السماء . ثم قال لها : « من أنا ؟ » قالت : أنت رسول الله , قال : « اعتقها فإنها مؤمنة » فاكتفى رسول الله صلى الله عليه وسلم منها برفع رأسها إلى السماء , ودل على ما قدمناه أنه على العرش , والعرش فوق السموات السبع . انتهى .


قول أبي عبد الله محمد بن أبي نعيس المالكي المشهور بابن أبي زمنين:


نقل ابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » عنه أنه قال في كتابه الذي صنفه في أصول السنة « باب الإيمان بالعرش » ومن قول أهل السنة : أن الله عز وجل خلق العرش واختصه بالعلو والارتفاع فوق جميع ما خلق , ثم استوى عليه كيف شاء كما أخبر عن نفسه في قوله عز وجل : ? الرحمن على العرش استوى ? إلى أن قال : ومن قول أهل السنة أن الله بائن من خلقه , متحجب عنهم بالحجب , تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كثيراً – وذكر حديث النزول ثم قال : وهذا الحديث يبين أن الله تعالى على عرشه في السماء دون الأرض . انتهى . وقد ذكرت بعض كلامه مع أقوال الذين نقلوا إجماع أهل السنة على أن الله تعالى مستو على عرشه , بائن من خلقه . وقد نقل شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية في الفتاوى جملة من أول كلامه . وذكر عنه أنه قال : فسبحان من بَعُدَ فلا يرى , وقرب بعلمه وقدرته .


قول القاضي عبد الوهاب المالكي:

نقل ابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » عنه أنه صرح بأن الله سبحانه استوى على عرشه بذاته , نقله شيخ الإسلام عنه في غير موضع من كتبه , ونقله عنه القرطبي في شرح الأسماء الحسنى .


قول الإمام أبي أحمد بن الحسين الشافعي المعروف بابن الحداد:

ذكر ابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » عنه أنه قال في عقيدته : وأنه سبحانه مستو على عرشه , وفوق جميع خلقه كما أخبر في كتابه , وعلى ألسنة رسله صلى الله عليهم وسلم من غير تشبيه ولا تعطيل , ولا تحريف ولا تأويل .


قول الحافظ أبي القاسم اللالكائي:

قد ذكرت كلامه في أول الفصل , وإنما قدمته من أجل ما ذكر فيه عن عمر وابن مسعود وابن عباس وأم سلمة رضي الله عنهم , ومن التابعين : ربيعة وسليمان التيمي ومقاتل بن حيان , ومن الأئمة مالك والثوري وأحمد , فكل هؤلاء يقولون : إن الله على عرشه وعلمه بكل مكان . وفي هذا أبلغ رد على من زعم أن معية الله لخلقه معية ذاتية .


قول يحيى بن عمار السجستاني الواعظ:

ذكر شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية في « القاعدة المراكشية » والذهبي في كتاب « العلو » عنه أنه قال في رسالته : لا نقول كما قالت الجهمية إنه تعالى مداخل للأمكنة , وممازج بكل شيء , ولا نعلم أين هو . بل نقول : هو بذاته على العرش وعلمه محيط بكل شيء , وسمعه وبصره وقدرته مدركة لكل شيء , وذلك معنى قوله : ? وهو معكم أينما كنتم ? وقد ذكر ابن القيم بعض هذا الكلام في كتابه « اجتماع الجيوش الإسلامية » .


قول القادر بالله أمير المؤمنين:

قال الذهبي في كتاب « العلو » له معتقد مشهور قرئ ببغداد بمشهد من علمائها وأئمتها , وأنه قول أهل السنة والجماعة , وفيه أشياء حسنة . من ذلك : وأنه خلق العرش لا لحاجة , واستوى عليه كيف شاء .


قول أبي عمر الطلمنكي:

قد ذكرت عنه فيما تقدم أنه نقل الإجماع على أن الله مستو على عرشه , وعلمه وقدرته وتدبيره بكل ما خلقه , وأن معنى قوله : ? وهو معكم أينما كنتم ? ونحو ذلك في القرآن أن ذلك علمه , وأن الله فوق السموات بذاته , مستو على عرشه كيف شاء , وأن الاستواء من الله على عرشه على الحقيقة لا على المجاز , وقد ذكر شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية في « القاعدة المراكشية » عن أبي عمر الطلمنكي أنه ذكر في كتابه الذي سماه « الوصول إلى معرفة الأصول » عن أهل السنة والجماعة أنهم متفقون على أن الله استوى بذاته على عرشه . قال شيخ الإسلام : وكذلك ذكر محمد بن عثمان بن أبي شيبة حافظ الكوفة في طبقة البخاري ونحوه . ذكر ذلك عن أهل السنة والجماعة , وكذلك ذكره يحيى بن عمار السجستاني الإمام في رسالته المشهورة التي كتبها إلى ملك بلاده . وكذلك ذكر أبو نصر السجزي الحافظ في كتاب « الإبانة » له . وكذلك ذكر شيخ الإسلام الأنصاري وأبو العباس الطرقي (?) والشيخ عبد القادر الجيلي ومن لا يحصى عدده إلا الله من أئمة الإسلام وشيوخه . انتهى . وقد تقدم ذكر أخره بعد كلام السجزي في أول الفصل .


قول أبي عثمان الصابوني:

قد ذكرت عنه فيما تقدم أنه نقل عن أصحاب الحديث أنهم يعتقدون ويشهدون أن الله فوق سبع سمواته على عرشه كما نطق به كتابه , وأن علماء الأمة وأعيان الأئمة من السلف لم يختلفوا أن الله على عرشه وعرشه فوق سمواته .


قول أبي عمرو عثمان بن أبي الحسن بن الحسين السهروردي الفقيه المحدث من أئمة أصحاب الشافعي:

ذكر ابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » عنه أنه قال في كتابه في أصول الدين : ومن صفاته تبارك وتعالى فوقيته واستواؤه على عرشه بذاته كما وصف نفسه في كتابه , وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم بلا كيف – ثم ذكر الأدلة على ذلك من القرآن إلى أن قال : وعلماء الأمة واعيان الأئمة من السلف لم يختلفوا في أن الله سبحانه مستو على عرشه . وعرشه فوق سبع سمواته , ثم ذكر كلام عبد الله بن المبارك : نعرف ربنا بأنه فوق سبع سمواته على عرشه , بائن من خلقه . وساق قول ابن خزيمة : من لم يقر بأن الله تعالى فوق عرشه قد استوى فوق سبع سمواته فهو كافر – ثم ذكر حديث الجارية التي قال لها النبي صلى الله عليه وسلم : « أين الله ؟ » فأشارت إلى السماء فقال لها : « من أنا ؟ » فأشارت إليه وإلى السماء . تعني أنك رسول الله الذي في السماء فقال : « اعتقها فإنها مؤمنة » فحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامها وإيمانها لما أقرت بأن ربها في السماء وعرفت ربها بصفة العلو والفوقية . انتهى .


قول الإمام أبي بكر محمد بن محمود بن سورة التميمي فقيه نيسابور:

ذكر ابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » ما رواه الحافظ عبد القاهر الرهاوي عنه أنه قال : لا أصلي خلف من لا يقر بأن الله تعالى فوق عرشه بائن من خلقه .


قول أبي نصر السجزي:

قد ذكرت كلامه في أول الفصل وما نقله عن الثوري ومالك والحمادين وسفيان بن عيينة والفضيل وابن المبارك وأحمد وإسحاق أنهم متفقون على أن الله سبحانه بذاته فوق العرش وعلمه بكل مكان , وإنما قدمت كلامه في أول الفصل من أجل ما نقله عن هؤلاء الأئمة من الاتفاق على أن الله سبحانه بذاته فوق العرش وعلمه بكل مكان , وفي هذا الاتفاق رد على من زعم أن معية الله لخلقه معية ذاتية .


قول إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي:

ذكر ابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » عنه أنه قال في كتاب « الحجة » « باب في بيان استواء الله على عرشه » قال الله تعالى : ? الرحمن على العرش استوى ? وذكر آيات ثم قال : قال أهل السنة : الله فوق السموات لا يعلوه خلق من خلقه , ومن الدليل على ذلك أن الخلق يشيرون إلى السماء بأصابعهم , ويدعونه ويرفعون إليه رءوسهم وأبصارهم – ثم قال : « فصل في بيان أن العرش فوق السموات وأن الله سبحانه وتعالى فوق العرش » إلى أن قال : قال علماء السنة : إن الله عز وجل على عرشه بائن من خلقه . وقالت المعتزلة : هو بذاته في كل مكان – إلى أن قال : وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى : ? ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ? قال : هو على عرشه , وعلمه في كل مكان – إلى أن قال : وزعم هؤلاء – يعني المعتزلة – أنه لا تجوز الإشارة إلى الله سبحانه بالرءوس والأصابع إلى فوق , فإن ذلك يوجب التحديد , وقد أجمع المسلمون أن الله سبحانه العلي الأعلى , ونطق بذلك القرآن , فزعم هؤلاء أن ذلك بمعنى علو الغلبة لا علو الذات . وعند المسلمين أن لله عز وجل علو الغلبة , والعلو من سائر وجوه العلو , لأن العلو صفة مدح فنثبت أن لله تعالى علو الذات وعلو الصفات وعلو القهر والغلبة . وفي منعهم الإشارة إلى الله سبحانه وتعالى من جهة الفوق خلاف منهم لسائر الملل , لأن جماهير المسلمين وسائر الملل قد وقع منهم الإجماع على الإشارة إلى الله سبحانه وتعالى من جهة الفوق في الدعاء والسؤال , واتفاقهم بإجماعهم على ذلك حجة , ولم يستجز أحد الإشارة إليه من جهة الأسفل ولا من سائر الجهات سوى جهة الفوق . انتهى المقصود من كلامه .


قول أبي عمر بن عبد البر:

قد ذكرت عنه فيما تقدم أنه نقل إجماع الصحابة والتابعين على القول بأن الله تعالى على العرش وعلمه في كل مكان , وما خالفهم في ذلك أحد يحتج بقوله , وذكرت له أيضاً كلاماً حسناً على حديث النزول فليراجع كل ما تقدم عنه .


قول أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي:

قال في كتابه المسمى ب « الاعتقاد » : « باب القول في الاستواء » قال الله تبارك وتعالى : ? الرحمن على العرش استوى ? ثم ذكر آيات في ذكر استواء الرب على العرش , وآيات في ذكر علو الله على خلقه , وقد ذكر الآيات أيضاً والكلام عليها في كتابه المسمى ب « الأسماء والصفات » ونقلت من كلامه ما يتعلق بالرد على من زعم أن معية الله لخلقه معية ذاتية فليراجع ذلك مع الكلام على قول الله تعالى : ? أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض ? الآية .


قول أبي الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي:

ذكر الذهبي في كتاب « العلو » عنه أنه قال في كتاب « الحجة » له , وأن الله تعالى مستو على عرشه بائن من خلقه كما قال في كتابه .


قول أبي جعفر الهمداني:


قال شارح العقيدة الطحاوية : ذكر محمد بن طاهر المقدسي أن الشيخ أبا جعفر الهمداني حضر مجلس الأستاذ أبي المعالي الجويني المعروف بإمام الحرمين , وهو يتكلم في نفي صفة العلو ويقول : كان الله ولا عرش وهو الآن على ما كان . فقال الشيخ أبو جعفر : أخبرنا يا أستاذ عن هذه الضرورة التي نجدها في قلوبنا , فإنه ما قال عارف قط يا الله إلا وجد في قلبه ضرورة يطلب العلو , ولا يلتفت يمنة ولا يسرة . فكيف ندفع هذه الضرورة عن أنفسنا ؟ قال : فلطم أبو المعالي على رأسه ونزل , وأظنه قال : وبكى , وقال : حيّرني الهمداني . وقد ذكر هذه القصة ابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » بنحو ما ذكرها شارح العقيدة الطحاوية . وذكرها الذهبي في كتاب « العلو » فقال : قال أبو منصور بن الوليد الحافظ في رسالة له إلى الزنجاني : أنبأنا عبد القادر الحافظ بحران , أنبأنا الحافظ أبو العلاء , أنبأنا أبو جعفر ابن أبي علي الحافظ قال : سمعت أبا المعالي الجويني , وقد سئل عن قوله : ? الرحمن على العرش استوى ? فقال : كان الله ولا عرش , وجعل يتخبط في الكلام فقلت : قد علمنا ما أشرت إليه فهل عندك للضرورات من حيلة ؟ فقال : ما تريد بهذا القول , وما تعني بهذه الإشارة ؟ فقلت : ما قال عرف قط يا رباه إلا قبل أن يتحرك لسانه قام من باطنه قصد لا يلتفت يمنة ولا يسرة يقصد الفوق , فهل لهذا القصد الضروري عندك من حيلة , فنبئنا نتخلص من الفوق والتحت , وبكيت وبكى الخلق , فضرب الأستاذ بكمه على السرير وصاح يا للحيرة وخرق ما كان عليه , وانخلع وصارت قيامة في المسجد , ونزل ولم يجبني إلا يا حبيبي الحيرة الحيرة والدهشة الدهشة , فسمعت بعد ذلك أصحابه يقولون : سمعناه يقول : حيرني الهمداني . قال شارح العقيدة الطحاوية في الكلام على هذه القصة : أراد الشيخ أن هذا أمر فطر الله عليه عباده من أن يتلقوه من المرسلين يجدون في قلوبهم طلباً ضرورياً يتوجه إلى الله ويطلبه في العلو . انتهى .


قول شيخ الإسلام أبي إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري الهروي:

ذكر الذهبي في كتاب « العلو » عنه أنه قال في كتاب « الصفات » له « باب استواء الله على عرشه فوق السماء السابعة بائنا من خلقه من الكتاب والسنة » ثم ساق آيات وأحاديث – إلى أن قال : وفي أخبار شتى أن الله في السماء السابعة على العرش بنفسه وهو ينظر كيف تعملون . وعلمه وقدرته واستماعه ونظره ورحمته في كل مكان .


قول الحسين بن مسعود البغوي:

قال في الكلام على قول الله تعالى في سورة الحديد : ? وهو معكم ? بالعلم . وقال في الكلام على قول الله تعالى في سورة المجادلة : ? ما يكون من نجوى ثلاثة ? أي من إسرار ثلاثة ? إلا هو رابعهم ? بالعلم يعلم نجواهم .


قول أبي الحسن الكرجي وهو من كبار فقهاء الشافعية:

ذكر الذهبي في كتاب « العلو » عنه أنه قال في عقيدته الشهيرة :
عقيدة أصحاب الحديث فقد سمعت***بأرباب دين الله أسمى المراتب
عقائدهم أن الإله بذاته *** على عرشه مع علمه بالغوائب
وقد ذكرت فيما تقدم قول الذهبي أنه مكتوب على هذه القصيدة بخط العلامة تقي الدين ابن الصلاح : هذه عقيدة أهل السنة وأصحاب الحديث .


قول العلامة أبي بكر محمد بن وهب المالكي في شرحه لرسالة الإمام أبي محمد بن أبي زيد:


ذكر الذهبي في كتاب « العلو » عنه أنه قال : أما قوله : « إنه فوق عرشه المجيد بذاته » فمعنى فوق وعلى عند العرب واحد . وفي الكتاب والسنة تصديق ذلك , وهو قوله تعالى : ? ثم استوى على العرش ? وقال : ? الرحمن على العرش استوى ? وقال : ? يخافون ربهم من فوقهم ? وساق حديث الجارية والمعراج إلى سدرة المنتهى – إلى أن قال : وقد تأتي لفظة « في » في لغة العرب بمعنى فوق كقوله : ? فامشوا في مناكبها ? و : ? في جذوع النخل ? و : ? أأمنتم من في السماء ? قال أهل التأويل : يريد فوقها وهو قول مالك مما فهمه عمن أدرك من التابعين مما فهموه عن الصحابة , مما فهموه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله في السماء , يعني فوقها وعليها , فلذلك قال الشيخ أبو محمد : إنه فوق عرشه , ثم بيّن أن علوه فوق عرشه إنما هو بذاته لأنه تعالى بائن عن جميع خلقه بلا كيف , وهو في كل مكان بعلمه لا بذاته . انتهى المقصود من كلامه . وقد ذكره ابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » .


قول الشيخ عبد القادر الجيلي الحنبلي:

ذكر شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية في « الفتوى الحموية الكبرى » و الذهبي في كتاب « العلو » وابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » عنه أنه قال في كتاب « الغنية » : أما معرفة الصانع بالآيات والدلالات على وجه الاختصار , فهو أن تعرف وتتيقن أن الله واحد أحد – إلى أن قال : وهو بجهة العلو مستو على العرش , محتو على الملك محيط علمه بالأشياء : ? إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ? ? يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ? ولا يجوز وصفه بأنه في كل مكان . بل يقال : إنه في السماء على العرش كما قال : ? الرحمن على العرش استوى ? وينبغي إطلاق صفة الاستواء من غير تأويل , وأنه استواء الذات على العرش , وكونه على العرش مذكور في كل كتاب أنزل , على كل نبي أرسل , بلا كيف . قال ابن القيم : هذا نص كلامه في « الغنية » وذكر ابن القيم أيضاً عنه أنه قال في كتابه « تحفة المتقين وسبيل العارفين » : و الله تعالى بذاته على العرش وعلمه محيط بكل مكان .


قول إمام الشافعية في وقته سعد بن علي الزنجاني:

ذكر ابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » عنه أنه صرح بالفوقية بالذات فقال : وهو على عرشه بوجود ذاته . قال ابن القيم : هذا لفظه وهو إمام في السنة . ثم ذكر ابن القيم عنه أنه قال : إنه مستو بذاته على عرشه بلا كيف كما أخبر عن نفسه , قال : وقد أجمع المسلمون على أن الله هو العلي الأعلى ونطق بذلك القرآن بقوله تعالى : ? سبِّح اسم ربِّك الأعلى ? وأن لله علو الغلبة , والعلو العلى من سائر وجوه العلو , لأن العلو صفة مدح عند كل عاقل , فنثبت بذلك أن لله علو الذات وعلو الصفات وعلو القهر والغلبة . وجماهير المسلمين وسائر الملل قد وقع منهم الإجماع على الإشارة إلى الله جل ثناؤه من جهة الفوق في الدعاء والسؤال . فاتفاقهم بأجمعهم على الإشارة إلى الله سبحانه من جهة الفوق حجة . ولم يستجز أحد الإشارة إليه من جهة الأسفل ولا من سائر الجهات سوى جهة الفوق . انتهى .
وقد تقدم في كلام إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي مثل ما ذكره الزنجاني من الإجماع على الإشارة إلى الله تعالى من جهة الفوق , وأنه لم يستجز أحد الإشارة إليه من جهة الأسفل , ولا من سائر الجهات سوى جهة الفوق . وفي هذا أبلغ رد على من زعم أن معية الله لخلقه معية ذاتية . ولو كان الأمر على ما زعمه من قال على الله بغير علم لكان يجوز أن يشار إلى الله تعالى من سائر الجهات . وهذا خلاف إجماع المسلمين .


قول الشيخ الموفق أبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي:

قد ذكرت فيما تقدم أنه نقل إجماع السلف على أن الله تعالى فوق العرش , وذكرت أيضاً كلامه في كتابه « إثبات صفة العلو » وما ذكر فيه من إجماع جميع العلماء من الصحابة والأئمة من الفقهاء على إثبات صفة العلو لله تعالى , وأن الأخبار قد تواترت في ذلك على وجه حصل به اليقين . فليراجع كلامه في ذلك . الله سبحانه وتعالى وليراجع أيضاً ما ذكره مما جعله الله مغروزاً في طبائع الخلق عند نزول الكرب من لحظ السماء بالأعين , ورفع الأيدي للدعاء نحوها . وانتظار مجيء الفرج من الله تعالى , وأنه لا ينكر ذلك إلا مبتدع غالٍ في بدعته , أو مفتون بتقليده على ضلالته .


قول أبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي مؤلف التفسير الكبير المسمى ب « الجامع لأحكام القرآن »:

قال في كتابه المسمى ب « الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى » وقد كان الصدر الأول لا ينفون الجهة بل نطقوا هم والكافة بإثباتها لله تعالى , كما نطق كتابه وأخبر رسوله صلى الله عليه وسلم , ولم ينكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على العرش حقيقة , ثم ذكر كلام أبي بكر الحضرمي في رسالته التي سماها ب « الإيماء إلى مسألة الاستواء » وحكايته عن القاضي عبد الوهاب أنه استواء الذات على العرش وذكر أن ذلك قول القاضي أبي بكر بن الطيب الأشعري كبير الطائفة , وأن القاضي عبد الوهاب نقله عنه نصاً وأنه قول الأشعري وابن فورك في بعض كتبه , وقول الخطابي وغيره من الفقهاء والمحدثين .
قال القرطبي : وهو قول أبي عمر بن عبد البر والطلمنكي وغيرهم من الأندلسيين , ثم قال بعد أن حكى أربعة عشر قولاً : وأظهر الأقوال ما تظاهرت عليه الآي والأخبار , وقال جميع الفضلاء الأخيار : إن الله على عرشه كما أخبر في كتابه وعلى لسان نبيه بلا كيف بائن من جميع خلقه , هذا مذهب السلف الصالح فيما نقل عنهم الثقات . انتهى . وقد نقله ابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » وأقره .


قول شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية:


قال في بعض فتاويه : والرب سبحانه فوق سمواته على عرشه , بائن من خلقه ليس في مخلوقاته شيء من ذاته , ولا في ذاته شيء من مخلوقاته . انتهى . وهو في صفحة 406 من الجزء الأول من مجموع الفتاوى المطبوع في القاهرة في سنة 1326 ه .
وقال في أول « الفتوى الحموية الكبرى » : فهذا كتاب الله من أوله إلى آخره , وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أولها إلى آخرها , ثم عامة كلام الصحابة والتابعين , ثم كلام سائر الأئمة مملوء بما هو إما نص أو ظاهر في أن الله سبحانه وتعالى هو العلي الأعلى , وهو فوق كل شيء , وأنه فوق العرش , وأنه فوق السماء ثم ذكر الأدلة على ذلك من القرآن , ثم قال : وفي الأحاديث الصحاح والحسان ما لا يحصى إلا بكلفة – وذكر عدة أحاديث في ذلك وقال بعد ذكرها – إلى أمثال ذلك مما لا يحصيه إلا الله مما هو من أبلغ المتواترات اللفظية والمعنوية التي تورث علماً يقيناً من ابلغ العلوم الضرورية أن الرسول صلى الله عليه وسلم المبلغ عن الله ألقى إلى أمته المدعوين – أن الله سبحانه على العرش , وأنه فوق السماء كما فطر الله على ذلك جميع الأمم عربهم وعجمهم في الجاهلية والإسلام إلا من اجتالته الشياطين عن فطرته . ثم عن السلف في ذلك من الأقوال ما لو جمع لبلغ مئين أو ألوفاً . ثم ليس في كتاب الله , ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من سلف الأمة لا من الصحابة ولا من التابعين لهم بإحسان , ولا عن الأئمة الذين أدركوا زمن الأهواء والاختلاف – حرف واحد يخالف ذلك . لا نصاً ولا ظاهراً . انتهى .
وفي كتب شيخ الإسلام وفتاويه من كلامه وما نقله عن أكابر العلماء في إثبات علو الرب على خلقه , وأنه سبحانه مستو على عرشه , بائن من خلقه , وتقرير ذلك بالأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة والإجماع شيء كثير جداً . وقد ذكرت جملة منه فيما تقدم . وأما كلامه في المعية , وقوله إنها معية العلم فهو كثير أيضاً , وقد نقل أقوال بعض الذين حكوا الإجماع على ذلك في مواضع كثيرة من كتبه وفتاويه , وقد ذكرت بعض نقوله عنهم فيما تقدم فلتراجع ففيها أبلغ رد على من وعم أن معية الله لخلقه معية ذاتية .
وقد ذكر في « الفتوى الحموية الكبرى » عن سلف الأمة وأئمتها أئمة أهل العلم والدين
من شيوخ العلم والعبادة أنهم أثبتوا أن الله فوق سمواته على عرشه , بائن من خلقه وهم بائنون منه . وهو أيضاً مع العباد عموماً بعلمه , ومع أنبيائه وأوليائه بالنصر والتأييد والكفاية , وهو أيضاً قريب مجيب . ففي آية النجوى دلالة على أنه عالم بهم . انتهى . وذكر في « شرح حديث النزول » قول الله تعالى في سورة الحديد : ? وهو معكم أينما كنتم ? وقوله تعالى في سورة المجادلة : ? ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ? ثم قال : وقد ثبت عن السلف أنهم قالوا : هو معهم بعلمه . وقد ذكر ابن عبد البر وغيره أن هذا إجماع من الصحابة والتابعين لهم بإحسان , ولم يخالفهم فيه أحد يعتد بقوله , وهو مأثور عن ابن عباس والضحاك ومقاتل بن حيان وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل وغيرهم .
ثم ذكر ما رواه ابن أبي حاتم في تفسيره عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ? وهو معكم ? قال : هو على العرش وعلمه معهم , قال : روى عن سفيان الثوري أنه قال : علمه معهم , وروى أيضاً عن الضحاك بن مزاحم في قوله : ? ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ? إلى قوله : ? أينما كانوا ? قال : هو على العرش وعلمه معهم . ورواه بإسناد آخر عن مقاتل ابن حيان . وهو ثقة في التفسير ليس بمجروح كما جرح مقاتل بن سليمان . وذكر أيضاً ما رواه عبد الله بن أحمد عن الضحاك في قوله تعالى : ? ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ? قال : هو على العرش , وعلمه معهم , وروى أيضاً عن سفيان الثوري في قوله : ? وهو معكم أينما كنتم ? قال علمه . وذكر أيضاً ما رواه حنبل بن إسحاق في كتاب « السنة » قال : قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل : ما معنى قوله تعالى : ? وهو معكم أينما كنتم ? و : ? ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ? إلى قوله : ? إلا هو معهم أينما كانوا ? قال : علمه , عالم الغيب والشهادة , محيط بكل شيء , شاهد علام الغيوب , يعلم الغيب , ربنا على العرش بلا حد ولا صفة , وسع كرسيه السموات والأرض .
قلت : قوله : بلا حد ولا صفة معناه أنه لا يحد استواء الرب على العرش ولا توصف كيفيته كما قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن ومالك بن أنس : الاستواء معلوم , والكيف غير معقول . قال شيخ الإسلام : وأيضاً فإنه افتتح الآية بالعلم وختمها بالعلم , فكان السياق يدل على أنه أراد أنه عالم بهم . ثم ذكر أن لفظ المعية في اللغة – وإن اقتضى المجامعة والمصاحبة والمقارنة , فهو إذا كان مع العباد لم يناف ذلك علوه على عرشه , ويكون حكم معيته في كل موطن بحسبه , فمع الخلق كلهم بالعلم والقدرة والسلطان , ويخص بعضهم بالإعانة والنصر والتأييد . انتهى .


قول الحافظ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي:

قد صنف الذهبي رحمه الله تعالى في إثبات علو الله على عرشه كتابه المسمى ب « العلو للعلي الغفار » وساق فيه أدلة العلو من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أكابر العلماء إلى قريب من زمانه , ومنهم من حكى الإجماع على أن الله تعالى فوق عرشه ومع الخلق بعلمه , وقال في أثناء الكتاب : ويدل على أن الباري تبارك وتعالى عالٍ على الأشياء فوق عرشه المجيد , غير حال في الأمكنة قوله تعالى : ? وسع كرسيه السموات والأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم ? ثم ساق آيات وأحاديث كثيرة في إثبات العلو فليراجع , وليراجع الكتاب كله فإنه كثير الفوائد عظيم المنفعة .


قول العلامة شمس الدين ابن القيم:

قد صنف ابن القيم رحمه الله تعالى في إثبات علو الله على خلقه كتابه المسمى ب « اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية » وساق فيه أدلة العلو من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أكابر العلماء إلى قريب من زمانه , ومنهم من حكى الإجماع على أن الله تعالى فوق عرشه , وهو مع الخلق بعلمه , فليراجع الكتاب كله فإنه كثير الفوائد عظيم المنفعة .
ولابن القيم أيضاً فصول في كتابه المسمى ب « الكافية الشافية » وفي كتابه المسمى ب « الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة » قرر فيها علو الرب تبارك وتعالى فوق جميع المخلوقات , ورد فيها على أهل التشبيه والتعطيل . فلتراجع أيضاً .


قول الحافظ إسماعيل بن عمر بن كثير:

قال في تفسير سورة الحديد وقوله تعالى : ? وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير ? أي رقيب عليكم , شهيد على أعمالكم حيث كنتم وأين كنتم من بر أو بحر , في ليل أو نهار , في البيوت أو في القفار , الجميع في علمه على السواء , وتحت بصره وسمعه فيسمع كلامكم , ويرى مكانكم , ويعلم سركم ونجواكم . وقال في تفسير سورة المجادلة : ثم قال تعالى مخبراً عن إحاطة علمه بخلقه , واطلاعه عليهم وسماعه كلامهم , ورؤيته مكانهم حيث كانوا وأين كانوا فقال تعالى : ? ألم تر أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة ? أي من سر ثلاثة ? إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ? أي مطلع عليهم يسمع كلامهم وسرهم ونجواهم , ورسله أيضاً مع ذلك تكتب ما يتناجون به مع علم الله به وسمعه له . ولهذا حكى غير واحد الإجماع على أن المراد بهذه الآية معية علمه تعالى , ولا شك في إرادة ذلك , ولكن سمعه أيضاً مع علمه بهم , وبصره نافذ فيهم , فهو سبحانه وتعالى مطلع على خلقه لا يغيب عنه من أمورهم شيء . ثم قال تعالى : ? ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم ? قال الإمام أحمد : افتتح الآية بالعلم واختتمها بالعلم . انتهى .
فهذا ما تيسر إيراده من أقوال أكابر العلماء في إثبات العلو لله تعالى , وأنه فوق جميع المخلوقات , مستو على عرشه , بائن من خلقه , والخلق بائنون منه , وأن معيته لخلقه معية العلم والإحاطة والاطلاع والسماع والرؤية . وأن له معية خاصة مع أنبيائه وأوليائه , وهي معية النصر والتأييد والكفاية . ولم يأت في القرآن ولا في السنة ولا في أقوال الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان ما يدل على أن معية الله لخلقه معية ذاتية , وإنما جاء ذلك عن بعض أهل البدع , وهم الذين يقولون : إن الله بذاته فوق العالم , وهو بذاته في كل مكان . وهذا قول باطل مردود بالأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة والإجماع وقد تقدم بيان ذلك في أول الكتاب فليراجع .
.

أقوال الأئمة الأربعة في استواء الله على عرشه فوق سماواته

أقوال الأئمة الأربعة في استواء الله على عرشه فوق سماواته


الامام أبو حنيفة:

قال:«من قال لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض فقد كفر, وكذا من قال إنه على العرش ولا أدري العرش أفي السماء أم في الأرض» . الفقه الأبسط ص 46، ونقل نحو هذا اللفظ شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (5/4نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة، وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية ص139، والذهبي في العلو ص 101 - 102، وابن قدامة في العلو ص116، وابن أبي العز في شرح الطحاوية ص 301.

ولما سئُل عن النزول الإلهي قال:«ينزل بلا كيف». عقيدة السلف أصحاب الحديث ص42، الأسماء والصفات للبيهقي ص456، وسكت عليه الكوثري ,وشرح العقيدة الطحاوية ص245 , وشرح الفقه الأكبر للقاري ص60.

وقال أبو حنيفة:«والله تعالى يدعى من أعلى لا من أسفل لأن الأسفل ليس من وصف الربوبية والألوهية في شيء»6. الفقه الأبسط ص51.

وقال للمرأة التي سألته أين إلهك الذي تعبده قال:«إن الله سبحانه وتعالى في السماء دون الأرض, فقال له رجل: أرأيت قول الله تعالى: ?وَهُوَ مَعَكُمْ? (الحديد: آية 4)، قال: هو كما تكتب للرجل إني معك وأنت غائب عنه»2. الأسماء والصفات ص 429.

وقال: «لا يوصف الله تعالى بصفات المخلوقين, وغضبه ورضاه صفتان من صفاته بلا كيف, وهو قول أهل السنة والجماعة وهو يغضب ويرضى ولا يقال: غضبه عقوبته ورضاه ثوابه, ونصفه كما وصف نفسه أُحدٌ صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد, حيٌّ قادر سميع بصير عالم, يد الله فوق أيديهم ليست كأيدي خلقه ووجهه ليس كوجوه خلقه»3. الفقه الأبسط ص56.

وقال:«لا ينبغي لأحد أن ينطق في ذات الله بشيء بل يصفه بما وصف به نفسه ولا يقول فيه برأيه شيئاً تبارك الله وتعالى رب العالمين»4. شرح العقيدة الطحاوية (2/427) جلاء العينين ص368

وقال:«وهو يغضب ويرضى ولا يقال غضبه عقوبته ورضاه ثوابه»7. الفقه الأبسط ص56 ,

وقال:«وصفاته بخلاف صفات المخلوقين يعلم لا كعلمنا, ويقدر لا كقدرتنا, ويرى لا كرؤيتنا, ويسمع لا كسمعنا, ويتكلم لا ككلامنا»8. الفقه الأكبر ص302

روى البيهقي في كتاب « الأسماء والصفات » بإسناده إلى نعيم ابن حماد قال : سمعت نوح بن أبي مريم أبا عصمة يقول : كنا عند أبي حنيفة أول ما ظهر إذ جاءته امرأة من ترمذ كانت تجالس جهماً فدخلت الكوفة فأظنني أقل ما رأيت عليها عشره آلاف من الناس تدعو إلى رأيها فقيل لها : إن ههنا رجلا قد نظر في المعقول يقال له أبو حنيفة . فأتته فقالت : أنت الذي تعلم الناس المسائل وقد تركت دينك . أين إلهك الذي تعبده ؟ فسكت عنها ثم مكث سبعة أيام لا يجيبها ، ثم خرج إليها وقد وضع كتاباً : الله تبارك وتعالى في السماء دون الأرض . فقال له رجل : أرأيت قول الله عز وجل : ? وهو معكم ? قال : هو كما تكتب إلى الرجل إني معك وأنت غائب عنه .
قال البيهقي : لقد أصاب أبو حنيفة رضي الله عنه فيما نفى عن الله عز وجل من الكون في الأرض ، وفيما ذكر من تأويل الآية ، وتبع مطلق السمع في قوله :
إن الله عز وجل في السماء ، وقد رواه الذهبي في كتاب « العلو » من طريق البيهقي . وقال أبو مطيع البلخي في كتاب « الفقه الأكبر » المشهور ، سألت أبا حنيفة عمن يقول : لا أعرف ربي في السماء أو في الأرض . قال : قد كفر ، لأن الله عز وجل يقول : ?الرحمن على العرش استوى ?وعرشه فوق سبع سمواته ،فقلت : إنه يقول : ? على العرش استوى ? ولكن لا يدري العرش في السماء أو في الأرض ، فقال : إذا أنكر أنه في السماء كفر لأنه تعالى في أعلى عليين ، وأنه يدعى من أعلى لا من أسفل . انتهى . وقد نقله شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية في « القاعدة المراكشية » والحافظ الذهبي في كتاب « العلو » وابن القيم في كتاب « اجتماع الجيوش الإسلامية » .

الامام مالك:

أخرج أبو داوود عن عبد الله بن نافع قال:« قال مالك : الله في السماء وعلمه في كل مكان». رواه أبو داوود في مسائل الإمام أحمد ص263 , وأخرجه عبد الله بن أحمد في السنة ص11 الطبعة القديمة , وابن عبد البر في التمهيد (7/13نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة.

وأخرج أبو نعيم عن جعفر بن عبد الله قال:« كنا عند مالك بن أنس فجاءه رجل فقال: يا أبا عبد الله, الرحمن على العرش استوى، كيف استوى ؟.
فما وجد مالك من شيء ما وجد في مسألته , فنظر إلى الأرض وجعل ينكت في بعود يده حتى علاه الرحضاء – يعني العرق – ثم رأسه ورمى العود وقال:« الكيف منه غير معقول,
والاستواء منه غير مجهول , والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة وأظنك صاحب بدعة وأمر به فأخرج» الحلية (6/325 , 326 )، وأخرجه أيضاً الصابوني في عقيدة السلف أصحاب الحديث ص17-18 , من طريق جعفر بن عبد الله عن مالك وابن عبد البر في التمهيد (7/151) من طريق عبد الله بن نافع عن مالك والبيهقي في الأسماء والصفات ص408، من طريق عبد الله بن وهب عن مالك، قال الحافظ بن حجر في الفتح (13/406 – 407) إسناده جيد وصححه الذهبي في العلو ص103 .

وأخرج الدارقطني عن الوليد بن مسلم قال:« سألت مالكاً والثوري والأوزاعي والليث بن سعد عن الأخبار في الصفات فقالوا أمروها فجاءت» . أخرج هذا الأثر الدارقطني في الصفات ص75 , والآجري في الشريعة ص314، والبيهقي في الاعتقاد ص118 , وابن عبد البر في التمهيد (7/149).

وقال ابن عبد البر ( سئُل مالك أيُرى الله يوم القيامة ؟ فقال : نعم يقول الله عزوجلنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ? (القيامة: آية 22 و23)، وقال لقوم آخريننقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةكَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ? (المطففين: آية 15)»13. الانتفاء ص36.

وأورد القاضي عياض في ترتيب المدارك عن ابن نافع وأشهب قالا : وأحدهم يزيد على الآخر يا أبا عبد الله ?" وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ" ? ينظرون إلى الله ؟ قال: نعم بأعينهم هاتين , فقلت له : فإن قوماً يقولون لا ينظر إلى الله , إن ناظرة بمعنى منتظرة إلى الثواب قال : كذبوا بل ينظر إلى الله أما سمعت قول موسى عليه السلام ?رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ ? (الأعراف: آية 143)، أفترى موسى سأل ربه محالاً ؟ فقال ? لَنْ تَرَانِي? (الأعراف: آية 143)، أي في الدنيا لأنها دار فناء , ولا ينظر ما يبقى بما يفنى , فإذا صاروا إلى دار البقاء نظروا بما يبقى وقال الله: ?كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ? (المطففين: آية 15)».

وأخرج أبو نعيم عن يحيى بن الربيع قال:« كنت عند مالك بن أنس ودخل عليه رجل فقال يا أبا عبد الله, ما تقول فيمن يقول القرآن مخلوق ؟.
فقال مالك: زنديق فاقتلوه , فقال : يا أبا عبد الله إنما أحكي كلاماً سمعته , فقال : لم أسمعه من أحد إنما سمعته منك , وعظم هذا القول». الحلية (6/325) وأخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/249) , من طريق أبي محمد يحيى بن خلف عن مالك , وأورده القاضي عياض في ترتيب المدارك (2/44).

روى أبو داود في كتاب « المسائل » وأبو بكر الآجري في كتاب « الشريعة » من طريق أبي داود ومن طريق الفضل بن زياد كلاهما عن الإمام أحمد بن حنبل قال : حدثني سريج بن النعمان قال : حدثنا عبد الله بن نافع قال : قال مالك بن أنس : الله عز وجل في السماء ، وعلمه في كل مكان لا يخلو من علمه مكان ، وقد رواه عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب « السنة » عن أبيه ، وزاد بعد قوله وعلمه في كل مكان لا يخلو منه شيء ، وتلا هذه الآية : ? ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ? وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في « القاعدة المراكشية » أن المالكية وغير المالكية نقلوا عن مالك أنه قال : الله في السماء ، وعلمه في كل مكان ، حتى ذكر ذلك مكي خطيب قرطبة في « كتاب التفسير » الذي جمعه من كلام مالك ، ونقله أبو عمر الطلمنكي ، وأبو عمر بن عبد البر ، وابن أبي زيد في المختصر , وغير واحد ونقله أيضاً عن مالك غير هؤلاء ممن لا يحصى عددهم مثل أحمد بن حنبل ، وابنه عبد الله والأثرم والخلال والآجري وابن بطة وطوائف غير هؤلاء من المصنفين في السنة - إلى أن قال : وكلام أئمة المالكية وقدمائهم في الإثبات كثير مشهور حتى علماؤهم حكوا إجماع أهل السنة والجماعة على أن الله بذاته فوق عرشه . انتهى .

الامام الشافعي:

قال الشافعي:« القول في السُّنة التي أنا عليها ورأيت أصحابنا عليها أهل الحديث الذين رأيتهم وأخذت عنهم مثل سفيان ومالك وغيرهما الإقرار بشهادة أن لا إله إلا الله , وأن محمداً رسول الله وأن الله تعالى على عرشه في سمائه يَقرُب من خلقه كيف شاء وأن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا كيف شاء». اجتماع الجيوش الإسلامية ص165 , إثبات العلو ص124 , وانظر مجموع الفتاوى (4/181-183) , والعلو للذهبي ص120 , ومختصره للألباني ص176.

و روى بن قدامة في صفة العلو عن الشافعي أنه قال: "خلافة أبي بكر حق قضاها الله في سمائه، وجمع عليها قلوب أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم.

وأورد الذهبي عن المزني قال:« قلت : إن كان أحد يخرج ما في ضميري وما تعلق به خاطري من أمر التوحيد فالشافعي , فصرت إليه وهو في مسجد مصر , فلما جثوتُ بين يديه قلت : هجس في ضميري مسألة في التوحيد فعلمت أن أحداً لا يعلم علمك، فما الذي عندك ؟ فغضب ثم قال : أتدري أين أنت ؟ قلت نعم . قال: هذا الموضع الذي أغرق الله فيه فرعون, أَبَلغَك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالسؤال عن ذلك ؟ قلت: لا قال: هل تكلم فيه الصحابة ؟ قلت: لا, قال: تدري كم نجماً في السماء ؟ قلت: لا, قال: فكوكب منها تعرف جنسه, طلوعه, أفوله, ممَ خُلق ؟ قلت: لا, قال: فشيء تراه بعينك من الخلق لست تعرفه تتكلم في علم خالقَه ؟ ثم سألني عن مسألة في الوضوء فأخطأت فيها ففرعها على أربعة أوجه فلم أصب في شيء منه فقال : شيء تحتاج إليه في اليوم خمس مرات تدع علمه وتتكلف علم الخالق إذ هجس في ضميرك ذلك فارجع إلى قول الله تعالى: ?وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ? (البقرة: الآيتان 163، 164)، فاستدل بالمخلوق على الخالق ولا تتكلف على ما لم يبلغه عقلك»20. سير أعلام النبلاء (10/31)

أحمد بن حنبل:

أورد ابن أبي يعلى عن أبي بكر المروزي قال:« سألت أحمد بن حنبل عن الأحاديث التي تردها الجهمية في الصفات والرؤية والإسراء وقصة العرش فصححها وقال: تلقتها الأمة بالقبول وتمرّ الأخبار كما جاءت»21. طبقات الحنابلة (1/56).

قول الإمام أحمد:« نحن نؤمن بأن الله على العرش كيف شاء وكما شاء بلا حدّ ولا صفة يبلغها واصف أو يحده أحد , فصفات الله منه وله وهو كما وصف نفسه لا تدركه الأبصار»25. درء تعارض العقل والنقل (2/30).

وأورد ابن الجوزي في المناقب كتاب أحمد بن حنبل لمسدد22 وفيه:« صفوا الله بما وصف به نفسه , وانفوا عن الله ما نفاه عن نفسه ...»23. مناقب الإمام أحمد ص221.

جاء في كتاب الرد على الجهمية للإمام أحمد قوله:« وزعم – جهم بن صفوان – أن من وصف الله بشيء مما وصف به نفسه في كتابه أو حدّث عن رسوله كان كافراً وكان من المشبهة»24. الرد على الجهمية ص104.

جاء في العقيدة التي رواها أبو العباس الإصطخري عن الإمام احمد في إثبات علو الله تعالى على العرش فوق السماء السابعة , وأنه بائن من خلقه , وأنه مع الخلق بعلمه لا يخلو من علمه مكان . فليراجع كلامه فإنه مهم جداً

وعن عبد الله بن المبارك أنه قيل له : بماذا نعرف ربنا ؟ قال : بأنه فوق سمواته على عرشه بائن من خلقه , ولا نقول كما تقول الجهمية إنه ههنا في الأرض . قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية : وهكذا قال الإمام أحمد وغيره ,
وقال الذهبي : قيل هذا لأحمد بن حنبل فقال :
هكذا هو عندنا ,

وروى القاضي أبو الحسن في « طبقات الحنابلة » عن يوسف بن موسى القطان قال : قيل لأبي عبد الله : والله تعالى فوق السماء السابعة على عرشه بائن من خلقه وقدرته وعلمه بكل مكان ؟ قال : نعم على عرشه , ولا يخلو شيء من علمه .

وذكر الذهبي في كتاب « العلو » عن أبي طالب أحمد بن حميد قال : سألت أحمد بن حنبل عن رجل قال : الله معنا وتلا : ? ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ? فقال : قد تجهم هذا , يأخذون بآخر الآية ويَدَعون أولها . هلاّ قرأت عليه : ? ألم تر أن الله يعلم ? فعلمه معهم . وقال في سورة ق? : ? ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ? فعلمه معهم .

وقال المروذي : قلت لأبي عبد الله : إن رجلا قال أقول كما قال الله : ? ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ? أقول هذا ولا أجاوزه إلى غيره . فقال أبو عبد الله : هذا كلام الجهمية , بل علمه معهم فأول الآية يدل على أنه علمه . رواه ابن بطة في كتاب « الإبانة » عن عمر بن محمد بن رجاء عن محمد بن داود عن المروذي .

وقال الشريف أبو علي محمد بن أحمد بن أبي موسى في عقيدة له ذكرها القاضي أبو الحسين في « طبقات الحنابلة » سئل الإمام أحمد ابن محمد بن حنبل عن قوله عز وجل : ? ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ? فقال علمه .

.
وذكر الإمام أحمد في كتاب « الرد على الجهمية » أنهم قالوا : إن الله تحت الأرض السابعة كما هو على العرش , فهو على العرش , وفي السموات , وفي الأرض , ولا يخلو منه مكان , ولا يكون في مكان دون مكان , وتلوا آية من القرآن : ? وهو الله في السموات وفي الأرض ? فقلنا : قد عرف المسلمون أماكن كثيرة ليس فيها من عظمة الرب شيء : أجسامكم وأجوافكم وأجواف الخنازير والوحوش , والأماكن القذرة ليس فيها من عظمة الرب شيء .
وقد أخبرنا أنه في السماء – ثم ذكر أحمد الأدلة من القرآن على أن الله تعالى في السماء , وقال بعد ذلك : وإنما معنى قول الله جل ثناؤه : ? وهو الله في السموات وفي الأرض ? يقول : هو إله من في السموات , وإله من في الأرض , وهو على العرش , وقد أحاط علمه بما دون العرش , ولا يخلو من علم الله مكان ولا يكون علم الله في مكان دون مكان , فذلك قوله : ? لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً ? .

وقال الإمام أحمد أيضاً : « بيان ما تأولت الجهمية من قول الله : ? ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ? قالوا : إن الله معنا وفينا . فقلنا : الله جل ثناؤه يقول : ? ألم تر أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض ? ثم قال : ? ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ? يعني الله بعلمه ? ولا خمسة إلا هو سادسهم ? يعني الله بعلمه ? ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم ? يعني بعلمه فيهم ? أينما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم ? يفتح الخبر بعلمه ويختم الخبر بعلمه » .

وقال الإمام أحمد أيضاً : « بيان ما ذكر الله في القرآن : ? وهو معكم ? وهذا على وجوه : قال الله جل ثناؤه لموسى : ? إنني معكما ? يقول : في الدفع عنكما . وقال : ? ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ قال لصاحبه لا تحزن إن الله معنا ? يقول : في الدفع عنا . وقال : ? كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين ? يقول في النصر لهم على عدوهم . وقال : ? فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ? في النصر لكم على عدوكم . وقال : ? ولا يستخفون من الله وهو معهم ? يقول : بعلمه فيهم . وقال : ? فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون ? قال كلا إن معي ربي سيهدين ? يقول : في العون على فرعون . ثم ذكر الإمام أحمد بعد هذا التفصيل أن الحجة ظهرت على الجهمي بما ادعى على الله أنه مع خلقه » . انتهى .